للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن تسلَّف رجلٌ وليدةً، فلا بأس أن يردها بعينها ما لم يطأها، فإن وطئها فلا يردها (١).

• إنّما قال: إنَّهُ يجوز سلف الحيوان والسلم فيه أيضاً؛ فلأنَّ الحيوان يُضبط بصفةٍ كما تضبط سائر العروض؛ لأنَّهُ يوصف ويحدُّ ويُعرف ذلك بالجنس والسنِّ والصفة، يَعْرِف ذلك أهل البصر به، كما يَعْرِف جنس الثياب وصفتها أهل البصر بها، فجاز قرض الحيوان والسلم فيه لحاجة النّاس إليه، كما جاز ذلك في الثياب وغيرها من العروض لحاجة النّاس إليه.

وقد رَوَى مالكٌ، عن زيد بن أسلمٍ، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي رافعٍ قال: «اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللهِ بَكْراً، فَجَاءَتْهُ إِبِلٌ مِنَ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَقُلْتُ: لَمْ أَجِدْ فِي الإِبِلِ إِلَّا جَمَلاً خِيَاراً (٢)، رَبَاعِيَّاً (٣)، فَقَالَ النَّبِيُّ : أَعْطِهِ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خَيْرَ النّاس أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» (٤)، فعُلِم بهذا الحديث جواز قرض الحيوان والسلم فيه، وأنَّ ذلك يُضبط بصفةٍ؛ لأنَّهُ معلومٌ أنَّ النبيَّ إنّما استقرض الجمل ليرد مثله؛ لأنَّ ردَّ ذلك واجبٌ، إلَّا أن يتطوع بأفضل منه، ومحالٌ أن يستقرض النبيُّ شيئاً لا يقدر على ردِّ مثله ولا يضبط ذلك بصفة.


(١) المختصر الكبير، ص (٢٤٩)، المدونة [٣/ ٧٤]، التفريع مع شرح التلمساني [٧/ ٤٥٣].
(٢) قوله: «خِيَاراً»، هو الجمل المختار، ينظر: النهاية في غريب الحديث [٢/ ٩١].
(٣) قوله: «رَبَاعِيَّاً»، هو الذكر من الإبل إذا دخل في السنة السابعة وطلعت رباعيته، ينظر: النهاية في غريب الحديث [٢/ ١٨٨].
(٤) أخرجه مالك [٤/ ٩٨١]، ومن طريقه مسلم [٥/ ٥٤]، وهو في التحفة [٩/ ٢٠٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>