وألحق قوم بأفعال هذا الباب ضرب المتعلقة بالمثل، والصواب أن لا تلحق بها لقوله تعالى:(ضُرِبَ مثلٌ فاستمعوا له) فبنى ضرب المذكورة لما لم يسم فاعله واكتفت بمرفوعها، ولا يفعل ذلك بشيء من أفعال هذا الباب.
وألحق هشام الكوفي عرف وأبصر، وألحق ابن درستويه أصاب وصادف وغادر، ولا دليل على شيء من ذلك، فلا يلتفت إليه.
ص: وتسمى المتقدمة على صيّر قلبية، وتختص متصرفاتها بقبح الإلغاء في نحو: ظننت زيدٌ قائمٌ، وبضعفه في نحو: متى ظننت زيدٌ قائمٌ. وزيدٌ أظنُّ أبوه قائم. وبجوازه بلا قبح ولا ضعف في نحو: زيد قائم ظننت، زيد ظننت قائم، وتقدير ضمير الشأن أو اللام المعلّقة في نحو: ظننت زيدٌ قائمٌ، أولى من الإلغاء. وقد يقع المُلْغى بين معمولي "إنّ" وبين سوف ومصحوبها، وبين معطوف ومعطوف عليه، وإلغاء ما بين الفعل ومرفوعه جائز لا واجب خلافا للكوفيين، وتوكيد الملغى بمصدر منصوب قبيح، وبمضاف إلى الياء ضعيف، وبضمير أو اسم إشارة أقل ضعفا.
وتؤكد الجملة بمصدر الفعل بدلا من لفظه منصوبا فيلغى وجوبا، ويقبح تقديمه، ويقل القبح في نحو: متى ظنَّك زيد ذاهب؟ وإن جُعِل متى خبرا لظن رُفِع وعمل وجوبا. وأجاز الأخفش والفراء إعمال المنصوب في الأمر والاستفهام.
ش: المتقدمة على صير: رأى وحجا وما بينهما، وجملتها أربعة عشر فعلا، وسميت قلبية لقيام معانيها بالقلب، وقد نبهت على أن هَبْ وتَعَلَّمْ غير متصرفين، فإذا خص جواز الإلغاء بمتصرفاتها، علم أن هب وتعلم لا يلغيان، ولا يلغى ما يلغى غالبا إلا متوسطا أو متأخرا، ومن الإلغاء مع التوسط قول الشاعر:
أبالأراجيز يابنَ اللُّوْم تُوعدني ... وفي الأراجيزِ خِلتُ اللؤمُ والخور