للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا يجوز، وليس بحد الكلام ولا وجهه، إلا أنه في الجزاء صار أقوى قليلا، لأنه ليس بواجب أن يفعل، إلا أن يكون من الأول فعل، فلما ضارع الذي لا يوجب كالاستفهام ونحوه، أجازوا فيه هذا على ضعف، وإن كان معناه كمعنى ما قبله، وأنشد الأعشى:

ومن يَغْتربْ من قومنا لا يزلْ يرى ... مصارعَ مظلومٍ مَجَرًّا ومَسْحَبا

وتُدْفَنَ فيه الصالحاتُ وإنْ يُسئْ ... يكنْ ما أساء النارَ في رأس كوكبا

ومثال الثالث قراءة ابن عامر: (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كنْ فيكونَ) بالنصب، على تقدير: فإنما يكون منه كن فيكون من ذلك الأمر، وهو نادر لا يكاد يعثر على مثله إلا في ضرورة الشعر. فأما قولهم: إنما هي ضربة من الأسد فيحطم ظهره، فمن النصب بإضمار أن جوازا، لعطف مصدر مؤول على مصدر صريح، والمعنى: هي ضربة فحطمة، لا من باب قراءة ابن عامر.

ويختص بالضرورة إضمار أن الناصبة بعد الحصر بإلا، كقولك: ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا.

وبعد الخبر المثبت الخالي من الشرط كقول الشاعر:

سأترك منزلي لبنى تميم ... وألحقُ بالحجاز فأستريحا

أصل الكلام: ألحق بالحجاز فأستريحُ، ولكن لما كان الرَّوِيُّ مفتوحا اضطر فنصب على تقدير: يكون لحاق فاستراحة، ومثله قول طرفة:

لنا هَضْبةٌ لا ينزلُ الذُّلُّ وسْطَها ... ويأوى إليها المستجيرُ فَيُعصَما

<<  <  ج: ص:  >  >>