ش: اعلم أن الفاء حرف عطف في جميع أماكنها، ويقع بعدها المضارع على خمسة أوجه، لأنه إما مشارك لما قبلها داخل في حكمه، وإما مخالف لما قبلها خارج عن حكمه، وذلك إذا كان ما قبل الفاء غير واجب، وما بعدها إما مسبب عنه، غير مبني على مبتدأ محذوف، وإما مرتب عليه لإفادة نفي الجمع، وإما مرتب عليه لإفادة استئناف الإثبات.
فإذا قصد بالمضارع بعد الفاء اشتراكه بما قبلها في حكمه، تبعه في الإعراب، كقولك: زيد يأتيني فيحدثُني، وأريد أن يأتيني فيحدثني، وإن تأتني فتحدثْني أكرمْك.
وإن قصد به أنه مسبب مبني على مبتدأ محذوف، أو مرتب للاستئناف رفع، كقولك: ما تأتيني فتحدثُني، فترفع على جعل الإتيان سببا للحديث، وتقديره: فأنت تحدثُني. وعلى استئناف إثبات الحديث بعد نفي الإتيان، على معنى: وتحدثُني الساعة.
وإن قصد به أنه مسبب غير مبني على مبتدأ محذوف، أو مرتب لإفادة نفي الجمع نصب، كقولك: ما تأتيني فتحدثني، فينصب على جعل الإتيان سببا للحديث، وتقديره: إن تأتني تحدثني. أو على الترتيب لنفي الجمع بين الفعلين وإرادة معنى: ما تأتيني محدثا، أي قد تأتيني وما تحدث.
ونصبه عند سيبويه بأن مضمرة، وما قبل الفاء في تأويل اسم معمول لفعل محذوف، ليصح العطف عليه، والتقدير: ما كان منك إتيان فحديث، فيصير الفعل على هذا التأويل بمعنى اسم، ليدلوا على أحد المعنيين المذكورين، ولم يظهروا أن بعد الفاء، كما لم يظهروها بعد أو.
وقال الكوفيون النصب بالفاء، والحجة عليهم أن الفاء لو كانت هي الناصبة لدخل عليها واو العطف وفاؤه، كما تدخل على واو القسم، ولجاز: ما أنت بصاحبي فأكرمك وفأحدثك، كما يجوز: والله ووالرحمن لأفعلن، فلما لم يجز