للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف يوازي الجلوس -في المساجد، وانتظار ما يأتي به أحد إليه من البر، والصدقات التي هي أوساخ الناس- الإنفاق في سبيل اللَّه، وإطعام الجائع، وستر العورة، وفك الرقاب قال تعالى -في مقام الذم على التكاسل عن سلوك طريق السعادة-: {فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: ١٣ - ١٦].

ويتفرع -على ما قلنا- ما عرفه المصنف على مذهب التفصيل من أن إرادة التجريد (١) مع داعية الأسباب شهوة


= والثاني: ما أجرى اللَّه العادة به في الدنيا، وأمر عباده بتعاطيه كالأكل عند الجوع والشرب عند العطش، والاستظلال من الحر، ونحو ذلك، فهذا أيضًا واجب على المرء تعاطى أسبابه، ومن قصر فيه حتى تضرر بتركه، مع القدرة على استعماله، فهو مفرط يستحق العقوبة، لكن اللَّه قد يقوي بعض عباده من ذلك على ما لا يقوى عليه غيره، فإذا عمل بمقتضى قوته التي اختص بها عن غيره، فلا حرج عليه، ولهذا كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يواصل في صيامه، وينهى عن ذلك أصحابه معللًا ذلك بقوله: "إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى".
والثالث: ما أجرى اللَّه العادة به في الدنيا في الأعم الأغلب، وقد يخرق العادة في ذلك لمن يشاء من عباده، وذلك كالدواء لمن أصابه المرض، هل الأفضل له التداوي، أو تركه لمن حقق التوكل على اللَّه، وهذا هو محل الخلاف الذي سبق ذكره قبل قليل، وعليه يحمل اختيار المصنف المذكور في الشرح.
راجع: كتاب الأربعين للغزالي: ص/ ١٨٦، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام: ١٠/ ٢٠، وجامع العلوم والحكم لابن رجب: ص/ ٣٨٠، وتشنيف المسامع: ق (١٩٥/ ب).
(١) آخر الورقة (١٣٦/ ب من ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>