للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وهم لا يقولون بهذا، يقولون: لا ينفى أحد زنا ولا غيره. ونحن نقول: ينفى الزاني بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما روي عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي بن كعب وأبي الدرداء وعمر بن عبد العزيز -رضي الله عنهم كلهم- قد رأوا النفي.

وقال الشافعي: قال قائل: لا أنفي أحدًا. فقيل لبعض من يقول قوله: ولم رددت النفى في الزنا وهو ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود عندنا إلى اليوم؟ قال: رددته بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تسافر المرأة سفرًا إلا مع ذي محرم".

قلت له: سفر المرأة شيء حيطت المرأة في ما لا يلزمها من الأسفار، وقد نهيت أن تخلو في المصر برجل وأمرت بالقرار في بيتها، وقيل لها: صلاتك في بيتك أفضل، وليس هذا مما يلزمها بسبيل، ثم قال: أرأيت إن كانت ببادية لا قاضي عند قومها إلا على ثلاث ليال أو أكثر فادعى عليها مدع حقا أو أصابت حقا؟ قال: ترفع إلى قاض، قلنا: غير ذي محرم؟ قال: نعم، قلنا: فقد أبحت لها أن تسافر ثلاثاً أو أكثر مع غير ذي محرم، قال: هذا يلزمها، قلنا: فهذا يلزمها برأيك فأبحته لها ومنعتها منه فيما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبر به عن الله.

وقد أخرج الشافعي: عن مالك، عن نافع أن عبدًا كان يقوم على رقيق الخمس، وأنه استكره جارية من ذلك الرقيق فوقع بها، فجلده عمر ونفاه ولم يجلد الوليدة لأنه استكرهها.

هذا الحديث في الموطأ (١)، وهو وإن كان مرسلاً فنافع -مولى ابن عمر- كان مشهورًا بالرواية عن الثقات وبالعناية بأخبار آل عمر، وقد رواه الليث، عن


(١) الموطأ (٢/ ٦٣١ رقم ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>