وقوله:"والخير في يديك" يريد خير الدنيا والآخرة ليس بشيء منه في يد غيرك، وفي بعض الروايات "بيديك" والباء فيه بمعنى في، أو هي للإلصاق أي أنه ملتصق بيديك، أو للتسبب إلى الخير مفعول بيديك، واليد هاهنا وفي أشباهه: عبارة عن يد العطاء والإنعام، من قولهم: لفلان عندي يد، وله إلي يد، وإلا فالله سبحانه وتعالى لا جارحة له، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا (١).
والرغباء -بضم الراء والقصر، وبفتح الراء والمد لغتان- بمعنى الرغبة: رغبت إليه وفيه أرغب رغبة ورغبًا إذا طلبت منه وسألته، ورغبت عن الشيء إذا لم ترده.
ويريد بقوله:"والرغباء إليك" أنه لما قدم في أول الحديث ذكر التلبية، التي هي دالة على الانقياد والطاعة، وقرر ثبوت النعمة له، واستحقاق الحمد عليها، وعمم بإثبات الملك له، قال: والطلب منك فالسؤال لك، لأن من كانت هذه الأشياء له تخصصت الرغبة إليه وتحقق العمل له.
والذي ذهب إليه الشافعي: أن المستحب أن يلبي تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي ما رواه في هذا الحديث بغير زيادة ابن عمر، ثم قال: ولا يضيق أن يزيد عليها، وأختار أن يفرد تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقصر عنها ولا يجاوزها، إلا أن يرى شيئًا يعجبه، فيقول: لبيك إن العيش عيش الآخرة، فإنه لا يروى عنه من وجه يثبت أنه زاد غير هذا.
وهكذا يروى عن أحمد أنه لا يزيد على تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقال أصحاب الرأي: السنة أن يأتي بتلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن زاد فهو
(١) تقدم الاعتراض على هذا القول وبيان مذهب السلف في ذلك فيثبتون الصفة كما أثبتها الله لنفسه من غير تكييف أو تعطيل، ومن غير تمثيل أو تشبيه فليس كمثله شيء وهو السميع البصير.