وقيل: معناها ما ذكرنا أولاً مأخوذ من قولهم: ألب بالمكان إذا أقام فيه ولزمه.
قال ابن الأنباري: وإلى هذا كان مذهب الخليل والأصم.
والمراد بالتلبية في الحج: إجابة لدعاء الله -عز وجل- الناس إلى الحج، في قوله -عز وجل- لخليله إبراهيم (عليه السلام) - {وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ}(١).
والحمد: نقيض الذم.
والنعمة -بكسر النون-: "الإحسان والعطاء، يريد أن النعمة منك والحمد لك، فأنت مالك السبب والمسبب، فسبب الحمد النعمة، والحمد مسبب عنها، وإذا كان السبب لك فالمسبب أولى أن يكون لك.
والرواية أن الحمد بكسر الهمزة على الابتداء وهو أشهر ويروى بالفتح على التعليل وهو أخص، وتقدير: لبيك لأن الحمد لك.
والكسر أولى لأن التلبية هي جواب قوله تعالى:{وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالْحَجِّ} فإذا كانت جوابا للنداء فكيف تكون متعلقة بالحمد والنعمة؟ لأنه إذا قال: لبيك لأن الحمد والنعمة لك، قطعها عن كونها جوابا للنداء المذكور. والله أعلم.
وقوله: "والملك" بعد الحمد والنعمة، يريد تعميم أسباب الطاعة وإيضاح وجوه الانقياد والعبادة، فإن الملك الذي هو الحاوي جميع الموجودات لك، وبذلك يتمخض الإخلاص في العبودية والإجابة.
ثم أتبعه بقوله: "لا شريك لك" ليزول الشبه عنه ويستقل بالملك والحمد والنعمة منفردًا.