للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفَلُوّ -فتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو-: المهر إذا فصل عن أمه لأنه يفلي أي يفطم، وكذلك الفصيل إلا أنه في الإبل بمنزلة الفلو في الخيل، وقد يقال فيه: فلو -بكسر الفاء وسكون اللام وتخفيف الواو- ضرورة.

وقوله ثم قرأ: {أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} (١) يريد أن الأخذ إنما يكون باليد فلما قال: كأنما يضعها في يد الرحمن استدل بالآية: أنه يأخذ الصدقات وهذا في معرض التمثيل، وإلا فلا يد جارحة هناك ولا أخذ (٢).

ومعنى الحديث إعلام المتصدق أن الصدقة التي يعطيها الففير جارية بعلم الله وإرادته وإيثاره، وأنها عنده بمنزلة من وصلت إليه، وأنه هو الشاكر عليها والمجازي بها، وفي ذلك حث على الصدقة وإعلام بفضيلتها.

وعدل الشيء: مثله.

وقوله في رواية البخاري وغيره: بيمينه -موضع يده- فيه زيادة تخصيص، لأن الأخذ والإعطاء إنما يكون باليمين، وإلا فكلتا يد الرحمن يمين وكذا جاء في الحديث المشهور (٣)، واليمين أيضًا في حكم التأويل كحكم اليد (٤).


= بيده الملك، قد علم منه أن المراد بقدرته، لكن لا يتجوز بذلك إلا لمن له يد حقيقة.
والفرق بين قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وقوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} من وجهين:
(أحدهما): أنه هنا أضاف الفعل إليه وبين أنه خلقه بيده، وهناك أضاف الفعل إلى الأيدي.
(الثاني): أن من لغة العرب أنهم يضعون اسم الجمع موضع التثنية إذا أمن اللبس، كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} أي: يديهما، وقوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} أي: قلباكما، فكذلك قوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}.
وأما السنة فكثيرة جدًا، ثم ذكر جملة من الأدلة انظرها هناك.
(١) التوبة [١٠٤].
(٢) تقدم بيان وجه الصواب في ذلك قبل أسطر.
(٣) وأخرجه مسلم في صحيحه (١٨٢٧) عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن -عز وجل- وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا".
(٤) قال الإِمام النووي في "شرح مسلم" (٦/ ٤٥٥).
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عن يمين الرحمن" فهو من أحاديث الصفات، واختلف العلماء فيها، وأن منهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>