ورد شيخ الإِسلام على من أول الصفات وصرفها عن مدلولها الحقيقي بتفصيل لا تراه لغيره. فقال -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (٦/ ٣٦٢ - ...): ونحن نتكلم على صفة من الصفات ونجعل الكلام فيها أنموذجًا يحتذى عليه، ونعبر بصفة "اليد" وقد قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} وقال تعالى لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وقال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}؛ وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}، وقال: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ}، وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}. وقد تواتر في السنة مجيء (اليد) في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -. فالمفهوم من هذا الكلام: أن لله تعالى يدين مختصتان به ذاتيتان له كما يليق بجلاله، وأنه سبحانه خلق قدم بيده دون الملائكة وإبليس، وأنه سبحانه يقبض الأرض ويطوي السموات بيده اليمنى، وأن (يداه مبسوطتان) ومعنى بسطهما بذل الجود وسعة العطاء، لأن الإعطاء والجود في الغالب يكون ببسط اليد ومدها؛ وتركه يكون ضمًا لليد إلى العنق، صار من الحقائق العرفية إذا قيل هو مبسوط اليد فهم منه يد حقيقة، وكان ظاهره الجود والبخل، كما قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} ويقولون: فلان جعد البنان وسبط البنان. قلت له: فالقائل: إن زعم أنه ليس له يد من جنس أيدي المخلوقين: وأن يده ليست جارحة، فهذا حق. لأنّ زعم أنه ليس له يد زائدة على الصفات السبع؛ فهو مبطل. فيحتاج إلى تلك المقامات الأربعة. أما "الأول" فيقول: إن اليد تكون بمعنى النعمة والعطية تسمية للشيء باسم مسببه، كما يسمى المطر والنبات سماء، ومنه قولهم لفلان: عنده أياد، وقول أبي طالب لما فقد النبي - صلى الله عليه وسلم -: =