للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنَّنَا بعد مناقشتنا لـ «أَنَّ، إِنَّ» هنا يمكن أَنْ نعبر عن كسرها أو فتحها من خلال اعتبار السِّياق وبفهم سيبويه نقول: تكسر إِنَّ إذا أتت بداية الكلام وفي مراحله الأولى، وتفتح إذا أتت بعد قصة أو حديث أو شأن سابق.

٥ ــ الضمائر:

أورد الجرجاني عدة تعريفات للضمير منها: «ما وضع لمتكلم، أو مخاطب، أو غائب تقدم ذكره، لفظا، نحو: زيد ضربتُ غلامه، أو معنى، بأن ذكر مشتقه، كقوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} المائدة: ٨)؛ أي: العدل أقرب لدلالة «اعدلوا» عليه (، أو حكمًا؛ أي ثابتًا في الذهن، كما في ضمير الشأن، نحو: هو زيد قائم») (١). ومنها أيضا: «عبارة عن اسم يتضمن الإشارة إلى المتكلم أو المخاطب أو غيرهما، بعدما سبق ذكره، إما تحقيقا أو

تقديرا») (٢).

ومن الواضح ــ كما في التعريفين السابقين ــ أَنَّهُ لا يجوز أَنْ يحل الضمير محل الاسم إلا إذا عرف المخاطب من المقصود بالضمير، وإلا ضاع منه الكلام وتعذَّر فهمه له. فإذا دخل شخص في حوار يدور بين اثنين يتكلمان عن شخص غير موجود بضمير الغائب؛ فَإِنَّ الشخص الداخل في الحوار لن يفهم الكلام، ولن يتفاعل مع الحوار حتى يعرف مرجع الضمير الذي يدور حوله الحديث يؤكد هذا سيبويه قائلا:

«وإِنَّمَا صار الإضمار معرفة لأَنَّكَ إِنَّمَا تضمِر اسما بعد ما تعلم أَنَّ مَنْ يحدَّث قد عرف مَن تعنى وما تعنى، وأَنَّك تريد شيئا يعلمه») (٣).

• ويقول: «وإِنَّمَا يضمِر إذا علم أَنَّكَ عرفت من يعنى») (٤).

• وهذا ما يفهم أيضا من قوله تعليقا على قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا}: «كَأَنَّه قال: ولا يحسبنَّ الذين يبخلون البُخل هو خيرا

لهم. ولم يذكر البخل اجتزاء بعلم المخاطَب بأنَّه البخل، لذكره يبخلون») (٥).


(١) التعريفات، ص ٢٧٩
(٢) السابق، ص ٢٧٩
(٣) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٦
(٤) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٨١
(٥) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٣٩١

<<  <   >  >>