للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوفى، ونلت القسط الأوفر الاسنى. ثم أنك أعربت عن صفاء ودادك، ونصوع اعتقادك. فما أخبرت إلا عما (١) جزم به لبي، وشهد عليه خلبي وقلبي. وما أراك زادك الله إحسانا، إلا أنك حصلت حاصلا ونبهت يقظانا. وقد شكوت ألم الفراق، وبثثت كامن الأشواق فكأنما أعربت عن قلبي، وتلوت آية الحب من قرآن صدري. ولكن ما الحيلة يا ابن أبي، إذ شكوت إلى من هو أشكى منك، وتوجعت إلى من هو اشد توجعا منك. فلله أنت لعمر أبيك من شائق مشوق، ووامق موموق. ومع ذلك فلست بأشوق مني إليك، ولا بأوجد وأحنى مني عليك. وما أراني إلا كما يقول أبو الطيب المتنبي (٢):

أغالب فيك الشوق والشوق أغلب ... وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب

نسأل الله سبحانه من عميم فضله، وشامل لطفه وطوله، أن يزيح غياهب الفراق، ويبرد بسلسال التلاق غلة الأشواق. ويسهل منه للوصال سبيلا ليس فيه مطمع. ويجعل للوصال ذريعة لا تتوقع.

إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.

ثم لا يخفى على الرأي الشريف. أن المحب منذ مدة اعترته بعض العوارض الجسمانية علاوة على ما تعهدون من تراكم العوائق، وتزاحم الموانع. فكان داعيا إلى تأخير جواب المشرفة الكريمة،


(١) في الاصل على ما جزم
(٢) انظر حاشية ٥٧ ص/ ١١١

<<  <  ج: ص:  >  >>