للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العز إزاري والكبرياء ردائي

١٢ - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أحَبِّكم إليَّ، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إليَّ، وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون. قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين (١) فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، ورواه أحمد والطبراني، وابن حبان في صحيحه من حديث أبي ثعلبة، وتقدم.

[الثرثار] بثاءين مثلثتين مفتوحتين، وتكرير الراء: هو الكثير الكلام تكلفاً.

[والمتشدق]: هو المتكلم بملء شدقيه تفاصحاً وتعاظماً، واستعلاء على غيره، وهو معنى المتفيهق أيضاً.

١٣ - وعن أبي سعيدٍ، وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عزوجل: العزُّ إزارهُ، والكبرياءُ رداؤهُ (٢)،

فمن ينازعني عَذَّبْتُهُ (٣) " رواه مسلم، ورواه البرقاني في مستخرجه من الطريق الذي أخرجه مسلم، ولفظه: "يقول الله عز وجل: العز إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني شيئاً منهما عذبتهُ" ورواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة وحده، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تبارك وتعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفتهُ في النار".


(١) أي من الذين يحبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسكنون في الجنة في الدرجة العالية بجوار سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المتصفون بالأخلاق الكريمة المتحلون بالخلال الحميدة، والذين يكرههم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك المتجبرون المتعاظمون.
(٢) معناه: الله تعالى متصف بالعز والكبرياء. وهذا مجاز واستعارة حسنة، والضمير يعود إلى الله تعالى للعلم به كما تقول العرب: شعاره الزهد ودثاره التقوى ويريدون الصفة، وفي النهاية: والكبرياء العظمة والملك، وقيل هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود لا يوصف بها إلا الله تعالى، يقال كبر يكبر بالضم: أي عظم فهو كبير، والله أكبر: أي أعظم من كل شيء، وقيل أكبر من أن يعرف كنه كبريائه وعظمته، وفي أسماء الله تعالى المتكبر، والكبير: أي العظيم ذو الكبرياء، وقيل المتعالي عن صفات الخلق، وقيل المتكبر على عتاة خلقه، والتاء فيه للتفرد والتخصيص، لا تاء التعاطي والتكلف. أهـ.
(٣) يتخلق بذلك ويتكبر فيصير في معنى المشارك له سبحانه وتعالى، والله واحد في ذاته وصفاته وأفعاله، فمن شابهه عاقبه "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد" (١ - ٤ سورة الإخلاص).

<<  <  ج: ص:  >  >>