محمد بن عليّ بن نُفَيْل الحرّاني، ثنا عقبة بن سالم الموصلي، عن القاسم بن الفضل الحداني، قال: أرسل الحجّاج إلى عكرمة يسألُه عن يوم القيامة: أمِن الدنيا هو أمْ مِن الآخرة؟ فقال:
قال أبو بكر النقّاش (١): أخلصنا لهم النبوّةَ والرسالةَ، ﴿بِخَالِصَةٍ﴾ يقول: أعطيناهم عطيّةً، ﴿ذِكْرَى الدَّارِ﴾ والدار: الآخرة، وذكرها: الجنّة، ويُقال: أخلصناهم: جعلناهم لنا خالصين، بأن خوّلناهم يذكرون دارَ الآخرة، فيزهدون في الدنيا، وكذلك شأنُ الأنبياء، ويُحتمل أن يكون بأنّهم يكثرون ذكرَ الآخرة والرجوعَ إلى الله، ويُقال: أخلصناهم بالكتب المنزَّلة التي فيها ذكرُ الدار دار الآخرة، ويُقال: أخلصناهم من العاهات والآفات.
وقال الضحّاك: أخلصوا ذكرَ الجنّة فأخلصها الله لهم، ومعنى أخلصناهم: اصطفيناهم من وزر الكفر، بخالصة: أي بعبادة خالصةٍ لا يشوبُها شيء، ذكرى الدار الآخرة، وذكراها أن يذكروها فيعملوا لها، ولا يقيلونها فينسونها.
وقال ابن سمعان: أخلصناهم بالنبوّة والكتاب.
وقال ابن أبي زياد: أخلصناهم عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ﴿ذِكْرَى الدَّارِ﴾ يقول: يقول: أخلصناهم لدار الجنّة.
وقال مالك بن دينار: ﴿أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦)﴾ [ص] أي: نزع الله ما في قلوبهم من حبّ الدنيا وذكرها وأخلصهم لحبّ الآخرة وذكرها.
(١) محمد بن الحسن بن محمد بن زياد، المفسّر المقرئ، صاحب تفسير: شفاء الصدور، توفي سنة ٣٥١ هـ. السير (١٥/ ٥٧٣ - ٥٧٧).