ذِكْرُ النَّوْعُ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ عِلْمِ الْحَدِيثِ هَذِّ النَّوْعُ مِنْهُ مَعْرِفَةُ الْأَكَابِرِ مِنَ الْأَصَاغِرِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْكُبْرَ الْكُبْرَ» وَقَالَ: «الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِهِمْ» وَشَرْحُ هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّ طَالِبَ هَذَا الْعِلْمِ إِذَا كَتَبَ حَدِيثًا لِلَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ لَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الرَّاوِيَ دُونَ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا رَوَى حَدِيثًا لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالْأَعْمَشِ , عَنْ شُعْبَةَ أَوِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ أَوِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، أَوِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي، وَمَا أَشْبَهُ هَذَا فَإِنِّي ذَكَرْتُ مَا حَضَرَنِي فِي الْوَقْتِ، وَمِثَالُهُ فِي الرِّوَايَاتِ كَثِيرَةٌ، فَمِنْ فَهْمِ الطَّالِبِ أَنْ لَا يَقِيسَ مِثْلَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى الْأَقْرَانِ أَوِ الِاسْتِوَاءِ فِي الْإِسْنَادِ، وَالسِّنِّ، فَإِنَّ هَذَا النَّوْعَ غَيْرَ مَعْرِفَةِ الْأَقْرَانِ الَّذِي نَذْكُرُهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ بَعْدَ هَذَا، وَالْمِثَالُ الثَّانِي لِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَرْوِيَ الْعَالِمُ الْحَافِظُ الْمُتَقَدِّمُ عَنِ الْمُحَدِّثِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ غَيْرَ الرِّوَايَةِ، عَنْ كِتَابِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ الطَّالِبُ فَضْلَ التَّابِعِ عَلَى الْمَتْبُوعِ، مِثَالُ هَذَا رِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ وَأَشْبَاهِهِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَرِوَايَةُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ , وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَأَشْبَاهِهِ وَرِوَايَةُ أَحْمَدَ , وَإِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى وَأَشْبَاهِهِ، وَلَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ مَجْرُوحٌ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ إِلَّا أَنَّ الرُّوَاةَ عَنْهُمْ أَئِمَّةٌ حُفَّاظٌ فُقَهَاءُ، وَهُمْ مُحَدِّثُونَ فَقَطْ قَالَ الْحَاكِمُ: وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَا فِي زَمَانِنَا مِنْ هَذَا النَّوْعِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ، كَانَ شَيْخُنَا وَإِمَامُنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ يَرْوِي عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّرَائِفِيِّ، وَرُبَّمَا تَوَهَّمَ الْمُبْتَدِئُ أَنَّهُ أُسْتَاذُهُ، وَكَانَ فَقِيهُ عَصْرِنَا أَبُو الْوَلِيدِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ الذُّهْلِيِّ، وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ بَطَّةَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْفَى عَلَى طَالِبٍ هَذَا الْعِلْمُ، فَقَدْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُنْزِلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute