للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أروى، أي: لمقتضى الروايات بدل: أبرأ: أروى، وهذِه الثلاثة الأمور إنما تحصل بأن يشرب ثلاثة أنفاس خارج القدح، فأما إذا تنفس في الماء وهو يشرب فلا يأمن الشرق؛ ويحصل تقذير الماء منه، وقد لا يروى، وعلى هذا المعنى حمل الحديث الجمهور نظرًا إلى المعنى ولبقية الحديث، ولقوله للرجل في الحديث المتقدم: "أبن القدح عن فيك". ولا شك أن هذا من مكارم الأخلاق، ومن باب النظافة، وما كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمر بشيء مِنْ ثم لا يفعله، وإن كان لا يستقذر منه (١).

و(أهنأ وأمرأ) من قوله تعالى: {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (٢) ومعنى الحديث: كان إذا شرب يتنفس في الشرب من الإناء ثلاثًا. واسم الفاعل من هنئ هنيء كطريف من طرف، وكل ما لم يأت بمشقة ولا عناء فهو هنيء، وتقول: هنأني الطعام ومرأني، على الإتباع، فإذا لم تذكر هنأني قلت: أمرأني بالإطعام، بالألف، أي: انهضم.

وقوله في الحديث: (هو أهنأ وأمرأ) هو من مرأني بلا ألف، لأن أمرأني بالألف رباعي، والرباعي لا يصاغ منه أفعل التفضيل كما في كتب النحو.

وقيل: هنيئًا: لا إثم فيه، ومريئًا: لا داء فيه. كما قال كثير:

هنيئًا مريئًا غير داء مخامر ... لعزة من أعراضنا ما استحلت


(١) "المفهم" ٥/ ٢٨٩ - ٢٩٠.
(٢) النساء: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>