للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالثلاثة الصفوف، وعلى هذا فلا تحصل الشفاعة بالأربعين إلا إذا وجد شرطه وهو أن يكونوا ثلاثة صفوف فيكون فيه جمع بين الحديثين، ويحمل المطلق على المقيد، والله أعلم (لا يشركون بالله شيئًا) وهذا شرط في الأربعين أيضًا، وهو شرط صعب إذا قيل: إن معناه أن تكون أعمالهم خالصة لله تعالى من شوائب الرياء في صلاتهم لا يشركون في عملهم التودد إلى أقارب الميت وطلب ارتفاع المنزلة في قلوبهم؛ ولهذا قال بعض العلماء: من تطهر للتبرد والعبادة أو صام لتخف معدته من الطعام الكثير الذي أكله مع نية الصيام، وكذا من حضر الجنازة للصلاة مع غرض آخر من جهة أقارب الميت لم تصح صلاته؛ لأنه مزج مع نية التقرب نية دنياوية، وليس لله إلا العمل الصالح كما قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (١)، وإذا لم تصح صلاتهم انتفت الشفاعة، ويدل على ما ذكرته أن رواية المائة لم يذكر فيها هذا الشرط؛ [وتعد زيادة العدد في الصلاة تقوم مقام هذا الشرط] (٢) لأن زيادة الستين إذا دعوا له وإن لم تقبل صلاتهم تحصل بها الشفاعة (إلا شُفِّعوا) بضم الشين وتشديد الفاء المكسورة (فيه) ورواية ابن ماجة (٣): "ما من أربعين من مؤمن يستغفرون لمؤمن إلا شفعهم الله فيه"، فاقتصر في هذا الحديث على الاستغفار دون الصلاة، ولم يشترط فيه إلا الإيمان.

* * *


(١) البينة: ٥.
(٢) من (ل).
(٣) (١٤٨٩) بلفظ: يشفعون بدل: يستغفرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>