الإنسان غالبًا عن هذِه الشوائب التابعة إلا على الندور، فينبغي أن يكون كل ذي بصيرة مشفقًا من عمله، وكذلك (١) قال سفيان: لا أعتد بما ظهر من عملي. ومع هذا فلا ينبغي أن يترك العمل عند خوف الفتنة، فإن ذلك منتهى بغية الشيطان، فواظب على العمل واحترص في الإخلاص.
(فأعظم ذلك) يعني: بطلان أجر من غزا لأجل طلب بعض عرض من الدنيا (الناس) بالرفع فاعل وشق عليهم لخوفهم من إبطال العمل (وقالوا للرجل) السائل: (عد) بضم العين الرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بالسؤال ثانيًا (فلعلك لم تُفْهِمه) بضم التاء وكسر الهاء. أي: لم تبين له السؤال.
(فقال: يا رسول الله، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي) مع ذلك (عرضًا من عرض الدنيا) أيحصل له شيء من الثواب؟ (قال: لا أجر له) في الغزو (فقالوا للرجل: عد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فلعلك لم تفهمه السؤال، أو لعله أن يذكر لك رخصة (فقال له) في المرة (الثالثة) كما قال أولًا (فقال) في المرة الثالثة: (لا أجر له).
وفي هذا الحديث جواز تكرار سؤال العالم والمفتي إذا لم يتضح له أو كان حكم الجواب يشق على السائل، ورجاء أن يجيبه بما فيه رخصة أو غيرها من المقاصد.
وفيه بيان كمال خلقه - صلى الله عليه وسلم -، وكثرة حلمه، وحسن عشرته في كونه أعاد عليه السؤال ثلاثًا وفي كلها يجيبه من غير تغير ولا غضب ولا إغلاظ في الجواب.