للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"شرح المسند": اختلف الناس في تأويل هذا الحديث فقال: كان هذا الحكم في الصدر الأول ثم نسخ، قال: وهذا (لا وجه) (١) له؛ لأن النسخ إنما يكون في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأما في زمانهم فلا وجه للنسخ، فإن الأحكام استقرت وانقطع الوحي، وإنما هو زمان الاجتهاد والرأي فيما (لم يبلغهم) (٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه نص (٣). قالوا: ويشبه أن يكون معنى الحديث منصرفًا إلى طلاق البتة كما في حديث ركانة الآتي؛ فإنه جعل البتة واحدة، وكان عمر يراها واحدة ثم تتابع الناس في ذلك وأكثروا منه فألزمهم الثلاث، وإليه ذهب غير واحد من الصحابة وغيرهم (٤)، وبه قال مالك وأحمد، وهذا كصنعه في حد شارب الخمر؛ فإنه كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر أربعين، ثم إن عمر لما رأى الناس تتابعوا في الخمر، واستخفوا عقوبتها. قال: أرى أن تبلغ حد المفتري، يعني: القاذف فجعلها ثمانين، وذلك بمحضر من الصحابة فلا يبعد أن يكون الأمر في طلاق البتة مثله (٥).

قال أبو العباس بن سريج: يمكن أن يكون إنما جاء في نوع خاص من طلاق الثلاث وهو أن يفرق بين اللفظ كأنه يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فكان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر والناس على صدقهم وسلامة صدورهم، ولم يكن ظهر فيهم الخب الخداع،


(١) في الأصل الأوجه. والمثبت من "معالم السنن" ٣/ ١٢٤.
(٢) في الأصل: بلغهم. والمثبت من "معالم السنن" المطبوع مع "مختصر السنن".
(٣) "الشافي" ٤/ ٤٨٨.
(٤) "معالم السنن" المطبوع مع "مختصر السنن" ٣/ ١٢٦.
(٥) السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>