للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويحتمل أن الشيطان يوسوس للحكيم في قلبه بكلمة الضلالة فيسبق لسانه إليها على سبيل السهو والذهول عما ينطق به لسانه؛ ليضل اللَّه بتلك الكلمة من يشاء، ثم إن الحكيم قد يهتدي إلى ما جرى على لسانه فيرجع إلى الحق، وقد يشتهر عنه فلا يستطيع إبطالها.

(وقد يقول المنافق) أو الكافر (كلمة الحق) والصواب بأن يجريها اللَّه على لسانه وإن لم يكن من أهلها، ولعل هذا هو السر في قوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} (١) ولم يقل: من يتقي اللَّه تعالى. بل يدخل في السنة المؤمن والمنافق، كما روي عن علي -رضي اللَّه عنه- أنه قال لرجل خرج من الحمام: طهرت فلا نجست. فلم يجبه، وهناك مجوسي فقال: هلا أجبت أمير المؤمنين؟ ! قال: بأي شيء أجيبه؟ قال: قل له: سعدت فلا شقيت. فقال علي: الحكمة ضالة المؤمن، خذوها ولو من أفواه المشركين (٢).

(قال: قلت لمعاذ) بن جبل (ما يدريني) بضم أوله ([رحمك اللَّه] (٣) أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ ) أي: بأي شيء أعلم كلمة الحق من الباطل؟ (قال: بلى) إن أردت معرفة الصواب من ذلك.

(اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات) التي اشتهرت بين الناس وظهر


(١) البقرة: ٢٦٩.
(٢) ذكره النووي في الأذكار ١/ ٤٣١، وقال: هذا المحل لم يصح فيه شيء.
وأما المرفوع منه وهو: "الحكمة ضالة المؤمن" فرواه الترمذي (٢٦٨٧) وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإبراهيم بن الفضل المخزومي يضعف في الحديث من قبل حفظه.
(٣) من "السنن".

<<  <  ج: ص:  >  >>