للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت أرثيه رحمه الله تعالى:

ما بعدَ فقدك لي أُنس أرجّيه ... ولا سرورٌ من الدنيا أقضيهِ

إن متُّ بعدَك من وجدٍ ومن حزَن ... فحقُّ فضلك عند من يوفيه

ومن يعلّم فيك الوُرق إن جهلت ... نُواحها أو تناسته فتُمليه

أما لَطافةُ أنفاس النّسيم فقدْ ... نسيتُها غيرَ لُطفٍ كنتَ تُبديه

وإن ترشّفتُ عذْب الماء أذْكرني ... زُلالُه خُلُقاً قد كنتَ تحويه

يا راحلاً فوقَ أعناقِ الرجال وأج ... فانُ الملائكِ تحت العَرشِ تبْكيهِ

وذاهباً سارَ لا يلوي على أحد ... والذّكْرُ ينشرهُ واللحْدُ يطويه

وماضياً غفر الله الكريم له ... باللُّطفِ حاضرهُ منه وباديه

وباتَ بالحُور والولدان مُشتغلاً ... إذا أقبلتْ تتهادى في تلقّيه

حتى غدا في جنان الخُلدِ مُبتهجاً ... والقلب بالحُزن يَفنى في تلظّيه

لهفي على ذلك الشخص الكريم وقد ... دعاه نحو البلى في التَّرب داعيه

وحيرتي فيه لا تقضي عليّ ولا ... تُقضى لواعِجُها حتى أوفّيه

أُجزى الأسى عبَراتي كالعَقيقِ وقد ... أصمّ سمعي وأصْمى القلبَ ناعيْه

يا وحشة الدّهر في عين الأنام فقد ... خلَتْ وجوهُ الليالي من معانيه

ووحشة الدرس إن تُنشر مُلاءتُهُ ... ولم تطرّز حواشيها أماليه

يا حافظاً ضاع نشرُ العِلم منه الى ... أن كاد يعرفْهُ مَن لا يسمّيه

صان الرّواية بالإسْنادِ فامْتنعَتْ ... ثُغورها حين خاطَتْها عواليه

واستضْعَفت بارقاتُ الجوّ أنفُسَها ... في فَهمِ مشكلةٍ عن أن تُجاريهِ

حفظْتَ سنّة خيرِ المرسلين فما ... أراكَ تُمسي مُضاعاً عند باريه

<<  <  ج: ص:  >  >>