وسرّ الصناعتين، وهو مجمع البحرين، فما طلُّ الغمامة؟، وله النظر الثاقب في دقائقهما، فمَن زرقاء اليمامة، إن سام نظماً فمَن شاعر تِهامَه؟، وإن شاء إنشاء فله التقدم على قُدامه، فإن وشّى طِرساً فما ابن هلال إلا كالقُلامة، أن أجيز لك ما عندي فكأنما أن أتجاوز حدّي، لولا أن الإقرار بأن الرواية عن الأقران نهج مَهْيَع، والاعتراف بأن للكبير من بحر الصغير الاغتراف وإن لم يكن مَشْرَعه ذلك المَشرع. فنعم قد أجزت لك ما رويتُه من أنواع العلوم وما حملته على الشرط المعروف والعُرف المَعلوم، وما تضمّنه الاستدعاء الرقيم بخطك الكريم مما اقتدحه زندي الشّحاح وجادت به لي السجايا الشحاح من فنون الأدب التي باعُك فيها من باعي أمدّ، وسهمك في مراميها من سهمي أسدّ. وأذنت لك في إصلاح ما تعثُر عليه من الزلل والوهم والخلل الصادر عن غفلة اعترت النقل، أو وَهلة اعترضت الفهم، فيما صدر عن قريحتي القريحة من النثر والنّظم، وفيما تراه من استبدال لفظ بغيره مما لعله أنجى من المرهوب، أو أنجع في نيل المطلوب، أو أجرى في سنن الفصاحة على الأسلوب، وقد أجزتُ لك إجازة خاصة، يرى جوازها بعضُ مَن لا يرى جواز الإجازة العامة، أن تروي عني ما لي من تصنيف أبقيته في أي معنىً انتقيته فمن ذلك ... وذكر رحمه الله تعالى ههنا ما له من التصانيف، وقد ذكرتها آنفاً. وقد أجزت لك أيّدك الله جميع ذلك بشرط التحري فيما هنالك، تبركاً بالدخول في هذه الحلبة، وتمسّكاً باقتفاء السّلف في ارتقاء هذه الرُتبة، وإقبالاً من نشر السنّة على ما هو أمنية المتمني، وامتثالاً لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام:" بلّغوا عني " فقد أخبرنا أبو العزّ عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي الحراني رحمه الله تعالى بقراءة والدي عليه وأنا أسمع