للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ» ، وَالْحِكْمَةُ: الْفِعْلَةُ مِنَ الْحُكْمِ، مِثْلُ الْجِلْسَةِ مِنَ الْجُلُوسِ، وَالْقِعْدَةِ مِنَ الْقُعُودِ، وَقَدْ تَأَوَّلَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَالتَّابِعِينَ الْحِكْمَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: ٢٦٩] أَنَّهَا الْقُرْآنُ، وَتَأَوَّلَتِ الْحِكْمَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة: ١٢٩] أَنَّهَا السُّنَنُ الَّتِي سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَيْهِ، وَكِلَا التَّأْوِيلَيْنِ فِي مَوْضِعِهِ صَحِيحٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ حِكْمَةٌ، أَحْكَمَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ فِيهِ لِعِبَادِهِ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ، وَبَيَّنَ لَهُمْ فِيهِ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَفَصَّلَ لَهُمْ فِيهِ شَرَائِعَهُ، فَهُوَ كَمَا وَصَفَهُ بِهِ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} [القمر: ٥] ، وَكَذَلِكَ سُنَنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي سَنَّهَا لِأُمَّتِهِ، عَنْ وَحْيِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَيْهِ، حِكْمَةٌ حَكَمَ بِهَا فِيهِمْ، فَفَصَلَ بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ بِهَا مُجْمَلَ مَا فِي آيِ الْقُرْآنِ، وَعَرَّفَهُمْ بِهَا مَعَانِي مَا فِي التَّنْزِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>