للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصلح، ويحث عليه، ويرغب فيه (١).

الوجه الثالث: إخباره جل وعلا بأن الصلح خير، وإطلاق ذلك، قال ابن عطية: «وقوله تعالى: ﴿والصلح خير﴾ لفظ عام مطلق يقتضى أن الصلح الحقيقي الذي تسكن إليه النفوس ويزول به الخلاف خير على الإطلاق» (٢).

وقال الطاهر بن عاشور: وقد دلت الآية على شدة الترغيب في هذا الصلح بمؤكدات ثلاثة: وهي المصدر المؤكد في قوله: ﴿صلحا﴾، والإظهار في مقام الإضمار في قوله: ﴿والصلح خير﴾، والإخبار عنه بالمصدر أو بالصفة المشبهة فإنها تدل على فعل سجية» (٣).

وقال السعدي: «﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ .. والمعنى: أن الصلح بين مَنْ بينهما حق أو منازعة في جميع الأشياء أنه خير من استقصاء كل منهما على كل حقه؛ لما فيها من الإصلاح وبقاء الألفة والاتصاف بصفة السماح، وهو جائز في جميع الأشياء، إلا إذا أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً، فإنه لا يكون صلحاً، وإنما يكون جورا .. »، ثم قال:

«ونبه على أنه خير، والخير كل عاقل يطلبه ويرغب فيه، فإن كان - مع ذلك- قد أمر الله به، وحثّ عليه، ازداد المؤمن طلباً له ورغبة فيه» (٤).

الوجه الثالث: الإظهار في موضع الإضمار (٥)، حيث أظهر كلمة «الصلح» في قوله: ﴿والصلح خير﴾، ولم يكن عنه بالضمير، وهذا يدل على الحث على


(١) قاله ابن عاشور في التحرير والتنوير (٥/ ٢١٧)، وسيأتي ذكره قريبا.
(٢) المحرر الوجيز (٣/ ٣٧).
(٣) التحرير والتنوير (٥/ ٢١٧).
(٤) تفسير السعدي (١/ ٤١٨).
(٥) أشار إليه الطاهر بن عاشور، كما مر قريبا.

<<  <   >  >>