للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنها، وعدم رغبته فيها وإعراضه عنها، فالأحسن في هذه الحالة: أن يصلحا بينهما صلحا، بأن تسمح المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها، على وجه تبقى مع زوجها، إما أن ترضى بأقل من الواجب لها من النفقة، أو الكسوة، أو المسكن، أو القسم، بأن تسقط حقها منه، أو تهب يومها وليلتها لزوجها أو لضرتها، فإذا اتفقا على هذه الحالة فلا جناح ولا بأس عليهما فيها، لا عليها ولا على الزوج، فيجوز حينئذ لزوجها البقاء معها على هذه الحال، وهي خير من الفرقة» (١).

قلت: ويدل على فضل مصالحة المرأة لزوجها ولو بترك بعض حقها: ما ثبت في سبب نزول هذه الآية: أنها في مصالحة أم المؤمنين سودة (٢) للنبي ، حينما وهبت يومها لعائشة، كما رواه الترمذي وأبو داود الطيالسي عن ابن عباس قال: خشيت سودة أن يطلقها النبي ، فقالت: لا تطلقني وأمسكني وأجعل يومي لعائشة، ففعل، فنزلت: ﴿فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير﴾ (٣).

الوجه الثاني: قوله تعالى: ﴿صلحا﴾، فكلمة ﴿صلحا﴾ مصدر مؤكد، يؤكد


(١) تفسير السعدي (١/ ٤١٨).
(٢) هي أم المومنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس، من لؤي، من قريش، إحدى أزواج النبي ، كانت في الجاهلية زوجة السكران بن عمرو بن عبد شمس، وأسلمت، ثم أسلم زوجها، وهاجرا إلى الحبشة في الهجرة الثانية، ثم عادا إلى مكة، فتوفي السكران، فتزوجها النبي بعد خديجة، وتوفيت سنة ٥٤ هـ في المدينة النبوية، الإصابة في تمييز الصحابة (٧/ ٧٢٠)، والإعلام للزركلي (٣/ ١٤٥).
(٣) رواه الطيالسي في مسنده (٤/ ٤٠٣) ح (٢٨٠٥)، والترمذي في سننه (٥/ ٢٤٩) ح (٣٠٤٠)، وقال: «حسن غريب»، وحسنه ابن حجر في الإصابة (٧/ ٧٢٠)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٣/ ٤٤) ح (٢٤٣٤).

<<  <   >  >>