للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما الواو إذا كاتن بعدها النون وقبل الواو ثلاثة أحرف من الأصول فان النون تجعل من الأصل حتى تثبت أنها زائدة مثل قولهم بردون تجعل نونه اصلية لأنه على مثال فهلول ولأنهم قالوا برذن يبرذنُ فجاءوا بالفعل على فعلل وفِعْلوْلٌ موجود وفِعْلوْن مفقود والكيون عكر الزيت على فعلول ومن قال بزيون بكسر الباء وفتح الياء فهو جار مجرى الكديون وهو أعجمي معرب فجرى مجرى العربي فأما زيتون فقد أختلف فيه فذكر أبن السراج أنه من الأبنية التي أغفلها سيبويه وكان الزجاج يأبى ذلك لأنه لا يجعل سيبويه أغفل إلا الثلاثة أبنية شميضير وهو اسم موضه والهنلع وهو اسمم بقلة ودرداقس وهو عظيم يصل العنق بالرأس فمن جعل زيتونا من الزيت فوزنه فعلون ومن جعله من أصل ممات وهو الزتن فهو عنده فيعول وقد ذهب قوم إلى أنه كالجمع لزيت كما تقول زيد والزيدون إلى ذلك ذهب الزجاج فأما القيطون وإن كان أعجمياً فإنك لا تجعل ياءه إلا زائدة لأن فيعولا أكثر من فعلون وكذلك زرجون تجعله فعلولا لانه أغلب من فعلون فأما الديدبون وهو اللهو والحيزبون وهي العجوز التي فيها بقية فتجعل النون فيهما من الأصل حتى يثبت الاشتاقا بغير ذاك لان فيعلولا أكثر من فيعلون فأما السيلحون فإن نونها تثبت زيادتها بقولهم في النصب والخفض السيلحون فأجروها مجرى قنسرين وفلسطين والياء إذا كانت قبل النون فحكمها حكم الواو فتقول إن الكرزين وهو الفاس الغليظة نونه أصلية لأن وفعليلا كثير وفعلين قليل فأما غسلين فقد أختلف فيه وقيل إنها لفظ من الفاظ الاعاجم جاءت في القرآن وانها ليست مما كان يكثر في كلام العرب ومنهم من يجيز غسلون في الرفع فيجعلها بمنزلة عشرين إلا إن إجماع القراء على كسر النون فدل ذلك على أنها ليست نون جمع و؟ إن كانوا قد عربوا بعض هذه النونات وأثبتوها في الإضافة قال الراجز:

مثل القلات ضربت قُلينها

وإنما هو جمع قلة وإنما كان يجب ضربت قُلوها ومثله قول الآخر:

دعاني من نجد فان سنينه ... لعبن بنا شيبا وشيّبننا مُردا

فإذا كانت النون في آخر الاسم وليس قبلها ألف ولا واو ولا نون فهي من الزيادة أبعد وإنما تجيء مزيدة في أشياء قليلة وليس زيادتها بمجمع عليها كقولهم الفرسن وعندهم انه فعلن وانه من الفرسن وكقولهم امرأة سمعنه نِظَرَنة وهو من السمع والنظر وكقولهم في الرجل خلفْنة أي خلاف فمن حمل القياس على ما أصله المتقدمون لم يجز له أن يجعل نون مهيمن زائدة ولا مبدلة من ياء لان حروف الإبدال أحد عشر حرفا يجمعها قولك يوم نطوءها تجد وليس تبدل النون من الياء على هذا الشرط ولا امنع إن يخالف الأول مخالف إذا أقام الحجه وأبان الدليل ولو بنوا من همى يهمي مثل مفعيل لقالوا في النصب رأيت مهيمنا وفي الرفع والخفض هذا مهيم مثل قاض في الحكم ولو رخموه ترخيم التصغير لقالوا هُميُّ ولو فعلوا ذلك بمهيمن من صفات غير الله سبحانه لقالوا هُمينٌ فأما هيمان فاشتقاقه من الهمى النون فيه زائدة لأن فعلانا أكثر من فعيال والهمى اكثر من الهمن ويقال همُ بهميان كذا أي بإزائه قال الشاعر أنشده أبو عمرو الشيباني:

وماشن من وادي الفتين مشرقا ... فهميانه لم ترعه أم كاسب

وإنما قالوا للذي يشد في الوسط هميان لأنه يكون بازاء وسط الإنسان فلو جعل اشتقاق هميان من الهمن لكان في الأصل موافقا لمهين يستويان في ترخيم التصغير فمهيمن إن كان من الهمن أو من الأمن والأمانة فوزنه مُفعيل وهو قول المتقدمين.

واذكر بعد ذلك شيئا مما يجوز أن يقال قد يدخل في قياس العربية أن يكون مُهيمنٌ على وزن مُهفعل وتكون هاؤه بدلا من همزة كما قالوا هراق وأراق كأنهم بنوا فعلا على أفعلَ من اليمن فقالوا أيمن ثم كرهوا أن يأتوا به على الأصل كما قالوا مؤرنب وكما قال الراجز:

فانه أهل لأن يؤكرما

<<  <   >  >>