وهوّارة قبيلة من قبائل البربر، قال: أنشدني للمذكور في مدح الأمير محمد بن رشيد الهلالي أخي مدافع من قصيدة أولها:
لم يبقَ لي بعد الرحيل عزاءُ ... بان الخليطُ وشتِّتتْ أهواءُ
فاصرف عنان اللّوم عن قلِقِ الحشا ... مغرَى فإن ملامه إغراء
ومنها:
فعلتْ به أحبابه يوم النّوى ... والبينُ ما لا تفعل الأعداءُ
ساروا ولمّا يسمحوا بوداعه ... فكأن خالص ودّه شحناء
أتراهمُ خالوا الوداع محرّماً ... أم أجمعوا أن لا يكونَ لقاء
رقّت مياه الحسن فوق خدودهم ... وقسَتْ قلوبهمُ فبان جفاء
ومنها:
يا ويحَ من عبث الهوى بفؤاده ... وتحكّمت وقضت عليه ظباء
من كلّ ما في القلب من لحظاتها ... نفثات سحر ما لهنّ دواء
للبدر سُنّةُ وجهها وقوامها ... للغصن مخطفة الحشا هيفاء
إن امتداحي ما يلِمّ من الورى ... إلا لمن دانت له العلياء
مثل المليك ابن الرشيد فإنه ... بهر الملوك وحلّ حيث يشاء
وتشابهت آراؤه وسيوفه ... كلٌ بما يهوى له ضمناء
لبس الجلالةَ حلة أعلامها ... حلُمٌ يزيّن ثوبها وحياء
فهو القريب تطوّلاً وتجمّلاً ... وهو البعيد محلّهُ الجوزاء
وله المهبة في النفوس، وإن غدا ... متواضعاً والعزة القعساء
يا من شكا جورَ الزمان وظلمه ... وأصابه من مسّه الضراء
لُذ بالمليك محمدٍ فبجوده ... يحيا السماح وتكشف الغمّاء
سَلْهُ تفد واقصدْ تجدْ واشرع ترِدْ ... عذبَ النّمير وما به أقذاء
هذا العيان يُريك من أوصافه ... فوقَ الذي أهدتْ لك الأنباء
لو نظّم الأملاك سلكاً لاغتدى ... لسناه وهو الدرة الغرّاء
[يحيى ابن التيفاشي القفصي]
من قفصة، مدينة بالقيروان، انتقل الى قابس، وسكن بها، ومدح بني هلال، وقتله الإفرنج بصقلية بعد سنة خمسين وخمسمائة عند فتكهم بالمسلمين، قال وأنشدني لهذا الشاعر من قصيدة في الأمير مدافع أولها:
رأى البرق فازدادت جوانحه جمرا ... وبات يراعي النّجم يرتقبُ الفجرا
وما البرق مما هاجه غير أنه ... تذكّرَ من يهوى فما ملك الصبرا
خليليّ عوجا نندب الرّبرب الذي ... غدا بعدهم من بعد سكانه قفرا
دياراً بها قدْماً ملأن جوانحي ... عيون المها جمراً كما ملئت سحرا
كأن لم أجُلْ فيها بمعترك الصبا ... ولم أرتشف ثغراً ولم أنتشق زهرا
ولم أدعِ النايات فيها مجيبة ... أغانيَ أغصان تميسُ بها خضرا
ويا بأبي ذات الوشاح إذا بدت ... كشمس الضحى وجهاً وجنحِ الدجى شَعْرا
تميسُ لنا غصناً وترنو غزالة ... وتعبق كافوراً وتبدو لنا بدرا
ويأبى لها النهدان والردف أن ترى ... تمس له الأثواب بطناً ولا ظهرا
أتتني وقلب البرق يرعد غيرة ... عليها وعينُ النّجم تنظرها شزرا
وقد هجعت عين الوشاة وأسبلت ... علينا الدياجي من ملابسها سترا
فبتنا الى وجه الصباح كأنّنا ... قضيبان لا صدّاً نخافُ ولا هجرا
الى أن رأيتُ الفجر عند طلوعه ... قد التاح في إثر الدجنّة وافترّا
كأن محياه المدافع قد بدا ... بغُرّتِه في النقع يسطو بها قهرا
رضيع الندى ثدياً حليف العلا وفا ... شقيق الحيا بذلاً لخير الورى طرا
هو الغيث في بذل النّوال إذا طما ... هو الليث في يوم النّزال إذا كرّا
يريك الردى سخطاً ووجه المنى رضا ... وصوب الحيا بذلاً وحكم القضا أمرا
ومنها: