للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي المواد من (٢٦٧ - ٢٧٩) من قانون العقوبات المصري العربي والمواد من (٢٣٢ - ٢٤٠) من قانون العقوبات البغدادي أن الزنا إذا وقع برضى الطرفين وهما غير متزوجين وسنهما فوق الثامنة عشرة فلا شيء عليهما. وإن كانا متزوجين فلا عقوبة عليهما ما لم يرفع أحد الزوجين دعوى ضد الزوج الخائن (١).

فهل يجوز تسمية بلاد بمثل هذه الحال قديمًا أو حديثًا بدار إسلام والله عز وجل يقول: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢) وهم يقولون بلسان حالهم ومقالهم لا! لن نجلد الزناة برضاهم ولو ثبتت عليهم البينة، أليس هذا استدراك على الله فيما حرم وتجهيل له فيما شرع؟ وهذا من أنواع الكفر حيث يقول تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (٣) وحكم الكفر هذا لا يقتصر على شخص الحاكم فقط بل يتعداه إلى كل المؤيدين له على ذلك والمناصرين له والراضين به، فحكمهم كحكمه كما ذكر الله عن جنود فرعون وهامان قال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ) (٤) فأشرك الله قوم فرعون معه في الخطيئة والإثم، لسكوتهم ورضاهم ونصرهم وتأييدهم له.

وعلى هذا فمن الواجب على الرعية إن كان الحاكم ظالمًا أن تنصحه بالتي هي أحسن كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدين النصيحة "ثلاثًا" قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله (عز وجل) ولكتابه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولأئمة المسلمين


(١) انظر قانون العقوبات المصري العربي رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧م وتعديلاته - المواد المشار إليها أعلاه.
(٢) وانظر قانون العقوبات البغدادي "العراقي" الصادر سنة ١٩١٧م.
(٣) سورة النور آية (٢).
(٤) سورة المائدة آية (٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>