للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نبي من الأنبياء إلا وقد سألها وطلبها من ربه مع ما فيهم سيد الأنبياء وأشرف المرسلين محمدنا خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم , وجدّ نبينا إبراهيم الذي أتخذه الله خليلاً وأشتياقه إلى الجنة وطلبها من ربه مذكور محفوظ في كتاب ربه وربنا , الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , حيث حكى عنه الرب تبارك وتعالى إذ يقول:

{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ {٨٣} وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ {٨٤} وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ {٨٥} (١).

هذا وقد ذكر السهلجي حكاية عن أبي موسى تدل على استخفاف الصوفية بالجنة ونيلهم من شأنها وعظمتها فيقول:

" يؤتى يوم القيامة برجل من طريق النار على حالة أحسن ما يكون , فيراد أن يزداد الذي يؤتي من طريق النار ألما ووجعا فيقال له: ترى ذاك الذي يحمل إلى الجنة بتلك الزينة؟ وهو فلان. فيقول نعم , كنت سمعت أسمه في دار الدنيا. قال فيبلغ الله صوته ذلك الولي فيقف مكانه فيقال له: لم لا تذهب؟ فيقول: لا أبرح من مكاني حتى يكون معي من سمع باسمي , قال: فينادى: وهبناه منك , خذ بيده وأذهب به إلى الجنة - وكان الشيخ أبو عبد الله يقول إذا حكى هذه الحكاية: فيقول: هذا لمن سمع الإسم , فكيف لمن رأى وصحب " (٢).

فالمعنى أنهم استصغروا شأن الجنة ومقامها , وجعلوا دخولها من الأمور الهينة لا تحتاج إلى كثير عناء ومشقة , بل يكفي أن يسمع الإنسان أسم وليّ من أولياء الصوفية , وحسبه ذلك من دخول الجنة والبعد عن النار.

وأكثر من ذلك أنهم نقلوا عنه أنه قال:

" ما النار؟

لأستندن إليها , وأقول: اجعلني لأهلها فداء أو لأبلعنها.

ما الجنة؟


(١) سورة الشعراء الآية ٨٣ إلى ٨٥.
(٢) النور من كلمات أبي طيفور ص ٦٨.

<<  <   >  >>