للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأخذ ماء من الحوض ورشّه على أصحابه , وقال: النار التي يعذب بها العصاة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم مثل هذا الماء في سخونته , ففرح الفقراء بذلك (١).

فليشاهد القراء إلى الاستهزاء والاستخفاف وما أسوأه وأشنعه بالإضافة إلى النيل من شأن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه:

(ناركم جزء من سبعين جزء من نار جهنم , قيل: يا رسول الله , إن كانت لكافية (٢) , قال: فضلت عليهن بتسعة وستين جزء كلّهن مثل حرّها) (٣).

هذا ويقول الإسكندري:

" من عبده لشيء يرجوه منه أو ليدفع بطاعته ورود العقوبة عنه فما قام بحق أوصافة " (٤).

ومن أهم ما روي في ذلك ما رواه ابن الملقن في طبقاته عن أبي الحسن بن الموفق المتوفى ٢٦٥ هـ أنه قال:

" اللهم إن كنت تعلم أني أعبدك خوفاً من نارك فعذّبني بها.

وأن كنت تعلم أني أعبدك حبا مني لجنتك وشوقاً إليها فأحرمنيها " (٥).

ورووا عن شاب كان قلبه على قلب إبراهيم الخليل كما يقولون , فينقلون عنه أنه كان يقول:

" يا سماء ويا أرض أشهدا عني ما خطر على قلبي ذكر الجنة والنار قط مثل إبراهيم الخليل " (٦).

فأنظر ما أجرأهم على الكذب , قطع النظر عن استحقار الجنة ونعيمها , التي لم يكن


(١) طبقات الشعراني ج ٢ ص ١٠٠.
(٢) أي أن هذه النار الدنيوية كافية في العقبى لإحتراق الكفار , فهلا أكتفي بها ولأي شيء زيد في حرّها (الألباني).
(٣) متفق عليه.
(٤) أنظر غيث المواهب ج ١ ص ٢٣٩.
(٥) طبقات الأولياء لأبن الملقن ص ٣٤٢.
(٦) المصدر السابق.

<<  <   >  >>