فشققتها , فوجدتها حامضة قضيت وتركت الرمان , فرأيت رجلا مطروحا قد أجتمعت عليه الزنانير فقلت: السلام عليك , فقال: وعليك السلام يا إبراهيم , فقلت: كيف عرفتني؟ فقال: من عرف الله لم يخف عليه شيء وفقلت: أرى لك حالا مع الله تعالى , فلو سألته أن يحميك ويقيك من هذه الزنانير!! فقال: وأرى لك حالا مع الله تعالى , فلو سألته أن يحميك ويقيك من شهوة الرمان , فإن لذع (شهوة) الرمان يجد الإنسان ألمه في الآخرة. ولدغ عن الزنانير يجد ألمه في الدنيا ".
وقال السري رضي الله تعالى عنه: " إن نفسي تطالبني منذ ثلاثين سنة أو أربعين سنة أن أغمس جزرة في دبس فما أطعمتها " , فلما كان ترك الشهوات والتنعمات من شأن المريد ومن مقتضى حاله لزمه الوفاء به وكان عمله على خلافه نقضا وفسخا , كما تقدم.
قال جعفر بن نصير , رضي الله تعالى عنه: " دفع إليَّ الجنيد درهما وقال أشتر به التين الوزيري فاشتريته , فلما أفطر أخذ واحدة ووضعها في فمه ثم ألقاها , وبكى , وقال: أحمله!! فقلت له في ذلك , فقال: هتف بي هاتف أما أستحي شهوة تركتها من أجله ثم تعود إليها!
وقال عتبة الغلام لعبد الواحد بن زيد رضي الله عنهما: إن فلانا يصف من قلبه منزلة ما أعرفها. قال: لأنك تأكل مع خبزك تمرا وهو لا يزيد على الخبز شيئا. فقلت: إن كنتُ تركتُ أكل التمر عرفتُ تلك المنزلة؟ قال: نعم وغيرها. فأخذ يبكي , فقال له بعض أصحابه: لا أبكى الله عينيك , أعلى التمر تبكي؟ فقال عبد الواحد: دعه فإن نفسه قد عرفت صدق عزمه في الترك , هو إذا ترك شيئا لم يعاود فيه أبداً ".
وقال أحمد بن الجواري: " أشتهى أبو سليمان الداراني , رضي الله تعالى عنه , رغيفا حاراً بملح فجئت به إليه , فعض منه عضةً , ثم طرح الرغيف , وقال: عَجِلَت إلى شهوتي بعد إطالة جهدي وشقوتي , قد عزمت على التوبة فأقبلني , قال أحمد: " فما رأيته أكل الملح حتى لقي الله تعالى ".
قال أبو تراب النخشبي , رضي الله عنه: " ما تمنت نفسي شهوة من الشهوات إلا مرة واحدة تمنت خبزا وبيضا وأنا على سفر , فعدلت إلى قرية , فقام واحد وتعلق بي وقال: هذا كان مع اللصوص , فضربوني سبعين دِرِّة , ثم عرفني رجل منهم , فقال: