للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا اجتهد في مسألة من مسائل الاجتهاد، فأدَّاه اجتهاده إلى شيء، ثم بعد ذلك اجتهد فأدَّاه اجتهاده إلى غير الأول، فإن الأول لا ينقض بالثاني (١) -سواء كان الأول منه أو من غيره- لأن الاجتهاد لا يُنْقض بالاجتهاد (٢)، ولأننا إذا نقضنا الأول بالثاني، قد يَنْتقض الثاني بالثالث، والثالث بالرابع وهلم جرَّا فيتسلسل الأمر ولا يوثق باجتهاد، وتفوت مصلحة نصب الحاكم، وهو فصل الخصومات (٣).

هذا ما لم يكن مخالفًا لقاطع، فإن خالف قاطعًا فإنه ينقض اتفاقًا (٤).


(١) نقض الاجتهاد: هو إبطاله بعد وجوده، وهذا مما يحتاجه القاضي والمفتي، ولنقض الاجتهاد حالتان: الحالة الأولى: أن يكون الاجتهاد الثاني مستندًا إلى دليل متفق عليه من نص أو إجماع أو قياس جلي أو قواعد شرعية، فحكم الاجتهاد الأول أن ينقض بالثاني. الحالة الثانية: أن يكون الاجتهاد الثاني مستندًا إلى دليل ظني، مثل الاجتهاد الأول، فحكم النقض يختلف باختلاف الاجتهاد لنفسه أو لغيره، وما أشار إليه المصنف أنه لا ينقض أراد به نقض الاجتهاد مطلقًا. انظر: نقض الاجتهاد دراسة أصولية د. أحمد بن محمد العنقري.
(٢) هذا هو قول الجمهور ونقل الاتفاق عليه الآمدي وابن الحاجب، وانظر: المستصفى للغزالي (٢/ ٣٨٤)، وشرح العضد على مختصر ابن الحاجب للإيجي (٢/ ٣٠٠)، الإحكام للآمدي (٤/ ٢٠٣)، شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٦٨٤)، أصول ابن مفلح (٤/ ١٥١٠)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (٢/ ٢٣٤)، غاية السول إلى علم الأصول لابن المبرد (٤٣٤)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (٤/ ٥٠٤)، وفواتح الرحموت لابن عبد الشكور (٢/ ٣٩٥).
(٣) انظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٦٨٥)، والتحبير للمرداوي (٨/ ٣٩٧٢).
(٤) انظر: الإحكام للآمدي (٤/ ٢٠٣)، والتحبير للمرداوي (٨/ ٣٩٧٣)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (٤/ ٥٠٥).