ولمَّا استقر في هذه الولاية في النيابة والنظر، باشر مباشرة حسنة، وأظهر العدل في الرعية، واستعطف خواطر الناس، وشرع في سلوك طريق الرئاسة، ثم لما دخل الوباء، تطيّر من ذلك، وطلع من القدس الشريف إلى ظاهرها، وأقام بالكروم أيامًا، فأنكر الناس عليه ذلك، فدخل إلى المدينة، فأقام بعض أيام، فتوفيت ابنة له، ثم بعد يومين أو ثلاثة توفيت زوجته، ثم بعد وفاة زوجته بنحو ستة أيام توفي هو، وصُلي عليه بالمسجد الأقصى بعد صلاة الظهر من يوم الأحد، ودفن بتربة ماملا ظاهر القدس الشريف.
وكان أسند وصيته لشيخ الإسلام الكمالي بن أبي شريف - أمتع الله بحياته -، فتوجه إلى التربة، وتولى أمره، ووقف على دفنه، وصحبته جماعة من الأعيان، وقضاة الشرع الشريف.
واستمر الوباء بالقدس الشريف في قوته إلى سلخ شهر شعبان، وأفنى خلقاً كثيراً من الأطفال والشبان، وأفنى طائفة الهنود عن آخرهم، وكذلك طائفة الحبشة.
وفيها توفي عدد من الأخيار الصالحين:
منهم: الشيخ جبريل الكردي الشافعي، وكان من أهل الفضل، وكان معظماً عند شيخ الإسلام الكمالي بن أبي شريف.
ومنهم: الشيخ الصالح الفاضل يوسف السليماني الحنفي نائبُ إمام الصخرة الشريفة، وكان من أهل الخير والصلاح والفضل في مذهب