للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليها حديثًا، فبكت، قالت عائشة: فقلت: استَخَصَّك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بحديثه، ثم تبكين! ثم أسرّ إليها حديثًا، فضحكت، فقالت: ما رأيتُ كاليومِ فرحًا أقربَ من حزن، فسألتها عما قال لها؟ قالت: ما كنتُ لأُفشيَ سِرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا قُبض، سألتها، قالت: إنه أَسَرَّ إليَّ، فقال: "إنَّ جِبريلَ كانَ يُعارضُني بِالقرآنِ في كُلِّ عامٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عارَضَني بهِ الآنَ مَرَّتَيْنِ، وَمَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ حَضَرَ أَجَلِي، وَإِنَّكِ أولُ لحوقٍ بي، ونِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ"، فبكيت لذلك، ثم قال: "أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُوني سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ - أَوْ: نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ -؟ "، فضحكتُ لذلك (١).

ولما بقي من أَجَل محمد - صلى الله عليه وسلم - ثلاثٌ، نزل عليه جبريلُ، فقال: يا أحمد! إن الله أرسلني إليك إكرامًا لك، وتفضيلًا عليك، وخاصَّة بك، يسألك عما هو أعلمُ به منك، يقول لك: كيفَ تجدُك؟ فقال: "أَجِدُني يا جِبْرِيلُ مَكْروبًا، وأَجِدُني يا جِبريلُ مَغْمومًا".

فلما كان في اليوم الثاني، هبط إليه جبريل، فقال: يا أحمد! إن الله أرسلني إليك إكرامأ لك، وتفضيلًا لك، وخاصَّة بك، يسألك عما هو أعلمُ به منك، يقول لك: كيف تجدُك؟ فقال: "أَجِدُني يا جِبريلُ مَكْروبًا، وأَجِدُني يا جِبريلُ مغمومًا".

فلما كان في اليوم الثالث، نزل إليه جبريل، ونزل معه مَلَك يقال له: إسماعيل، يسكن الهوى، لم يصعد إلى السماء قَطُّ، ولم يهبط إلى


(١) رواه البخاري (٣٤٢٦)، ومسلم (٢٤٥٠)، عن عائشة رضي الله عنها.