للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بنا وهو على المنبر، فركع، ورجع القهقرى حتى نزل وسجد، ثم رقى، فلما فرغ قال: "إنما فعلتُ ذلك لتأتموا بي، ولتعلّموا (١) صلاتي" (٢)، قال الشافعي: إنما نزل، لأنه لم يتمكن من السجود على المنبر، لتضايقه (٣).

والجواب: أن هذا الخبر أفادنا الجواز، والكراهية استفدناها بما روينا؛ كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخّر المغرب اليوم الثاني حين بَيَّنَ المواقيت (٤)، فأفاد بذلك الجواز، وإن كان مَنْ أخرها إلى ذلك الوقت كان مؤدِّيًا لها في وقتها، واستفدنا كراهيةَ التأخير إلى ذلك الوقت بدلالة أخرى.

فإن قيل: في الخبر ما يمنع من هذا، وهو قوله - عليه السلام -: "إنما فعلتُ ذلك، لتأتموا بي، ولتعلموا (١) صلاتي"، فامتنع أن يكون القصد به الجواز.

قيل له: فالخبر أفاد الجواز في حق من أراد أن يعلِّم مَنْ خلفه، وأن ذلك جائز، واستفدنا جواز ذلك في حق من لم يرد التعليم من موضع آخر.


(١) في الأصل: تعلموا، والتصويب من الصحيحين.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب: الجمعة، باب: الخطبة على المنبر، رقم (٩١٧)، ومسلم في كتاب: المساجد، باب: جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، رقم (٥٤٤).
(٣) ينظر: الأم (٢/ ٣٤٣).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب: المساجد، باب: أوقات الصلوات الخمس، رقم (٦١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>