للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: هذه الصلوات لها أوقات مستحبة في الحضر، فاستفدنا بهذه الأخبار جواز تقديمها على الأوقات المستحبة، وتأخرها عنها في حال السفر.

قيل: الأوقات المستحبة هي ما لم تدخل، وفي هذه الأخبار إذا دخل وقت الأخرى، وأما ما رُوي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين المغرب والعشاء، يؤخر هذه إلى آخر وقتها، ويعجل هذه في أول وقتها (١)، فلا يعرف هذا الحديث، ولو صح، فنحن نقول به؛ لأنه يجوز أن يؤخر إحداهما، ويعجل الثانية في وقتها، ويجوز فعلهما في وقت إحداهما.

وأما حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة من غير خوف ولا سفر، ورُوي: ولا مطر، فيجوز أن يكون هذا في ابتداء الأمر، ثم نسخ؛ لإجماعنا على أنه لا يجوز الجمع على هذه الصفة، وقد أومأ إليه أحمد - رحمه الله - في رواية صالح (٢) - وقد قيل له: حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: جمع بين الظهر والعصر من غير خوف ولا مطر؟ -، فقال: قد جاءت الأحاديث بتحديد المواقيت للظهر والعصر، والمغرب والعشاء.

فإن قيل: فيحمل ذلك على الوقت الذي كان وقت الظهر والعصر مشتركًا بهما (٣)، وكان يجمع في وقت إحداهما في الحضر، ثم نسخ


(١) مضى تخريجه في ص ٧٥.
(٢) في مسائله رقم (٥٨٢).
(٣) لعلها: بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>