للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واشتدّ عليكم القتال أن تنشمروا (١) إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا ولا طاقة لنا، فأبت قريش وغطفان أن يعطوهم رهنًا (٢) وحرّك الله بينهم وبعث عليهم الريح الشديدة في ليال شديدة البرد، فجعلت تكْفَؤُ قُدورَهم، وتَطْرَح أَبْنِيَتَهم حتّى فَرُّوا ليلاً (٣)، فلمّا أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأيقن بفرارهم، انصرف عن الخندق راجعًا إلى المدينة هو والمسلمون ووضعوا السلاح (٤)، فلمّا كان الظهر، أتى جبريل - عليه السلام - رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في صفة دِحْيَةَ بنِ خليفة الكلبي، قال الزهري: معتجرًا بعمامة من استبرق على بغلة عليها قطيفة ديباج، فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد وضعت السلاح؟ قال: نعم، قال جبريل: ما وَضعَت الملائكةُ السلاحَ بعدُ، وما رجعتُ الآن إلاّ مِن طلب


= الرسل والملوك" (٢/ ٩٧)، و"السيرة النبوية" (٤/ ١٨٩)، و"البداية والنهاية" (٤/ ١١٢)، كلهم من طريق ابن إسحاق مرسلة.
قال ابن منظور في "اللسان" (٦/ ١١٨): "وضرسهم الزمان: اشتدّ عليهم ... وضَرَسته الحروب تَضْرِسُه ضَرْسًا: عَضَّته، وحرب دروس: أكول عضوض".
(١) في "لسان العرب" (٤/ ٤٢٧): "شَمَر يَشْمُر شَمْرًا وانشَمَر وشَمَّر وتَشَمَّر: مرّ جادًّا".
(٢) انظر لهذا قصّة نعيم بن مسعود الغطفاني "السيرة" لابن هشام (٢/ ٣١٩ - ٣٢٠) عن ابن إسحاق معلّقًا، و"مغازي" الواقدي (٢/ ٤٨٠ - ٤٨٣)، و"مصنف عبد الرزاق" (٥/ ٣٦٨ - ٣٦٩) مرسلاً عن ابن المسيِّب، ومراسيله أحسن المراسيل، وموسى بن عقبة من روايته عن الزهري المرسلة - ومراسيله ضعيفة - عند البيهقي في "الدلائل" (٣/ ٤٠٤ - ٤٠٥).
(٣) انظر: ابن سعد (٢/ ٩٧) من مرسل سعيد بن جبير، و"دلائل النبوّة" للبيهقي (٣/ ٤٠٦) من رواية موسى بن عقبة عن الزهري، وهي مرسلة كما مرّ.
(٤) أخرجه البخاري في [المغازي (٤١١٧) باب مرجع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إيَّاهم].

<<  <   >  >>