(٢) إذ الظاهر أنه لا يروي إلا عن عدل، إذ لو علم فيه جرحًا لذكره لئلا يكون غاشًا في الدين، حكاه جماعة منهم الخطيب. قال الخطيب: وهذا باطل، لأنه يجوز أن يكون العدل لا يعرف عدالته فلا تكون روايته عنه تعديلًا ولا خبرًا عن صدقه، بل يروي عنه لأغراض يقصدها، كيف وقد وجد جماعة من العدل الثقات رووا عن قوم أحاديث أمسكوا في بعضها عن ذكر أحوالهم مع علمهم بأنها غير مرضية، وفي بعضها شهدوا عليهم بالكذب في الرواية وبفساد الآراء والذهب. انتهى. قال سفيان الثوري: إني لأروي الحديث على ثلاثة أوجه: فللحجة من رجل، والتوقف، فيه من آخر، ولمحبة معرفة مذهب من لا اعتد بحديثه. وقال أبو حاتم الرازي: رواية المحدثين الحديث الواهي للمعرفة ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الآثار وحفظوها. انتهى ملخصًا ما في فتح المغيث ١/ ٢٩٢؛ الكفاية، ص ٨٩؛ التبصرة والتذكرة ١/ ٣٢٠؛ التدريب ١/ ٣١٤ وفي هذه المسألة قول ثالث وهو، إن كان العدل الذي روى عنه، لا يروى إلا عن عدل كانت روايته تعديلًا وإلا فلا، واختاره الأصوليون كالجويني والغزالي والآمدي والرازي وابن الحاجب وغيرهما. قال السخاوي: وإليه ذهب جمع من المحدثين وإليه ميل الشيخين وابن خزيمة في صحاحهم، والحاكم في مستدركه ونحوه قول الشافعي رحمه الله فيما يتقوى به المرسل: أن يكون المرسل إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولًا ولا مرغوبًا عن الرواية عنه. انتهى. الرسالة، فقرة ١٢٧١، ص ٤٦٣؛ البرهان ١/ ٦٢٣؛ المستصفى ١/ ١٦٣؛ أحكام الأحكام ١/ ٢٧٣؛ المحصول، ج ٢ ق ١/ ٥٨٩؛ =