للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتبخر والانسكاب، وأيضًا للانتهاء بالاستخدام المستمر للذين توارثوها، خصوصًا وأن من يملك شيئًا من آثار الرسول ضنين بها لنفسه، ولا يؤثر بها غيره.

وأيضًا بقاء النعلين، وعرضها في بعض المتاحف، فقد جاء ذكر فقدانها في وقعة تيمورلنك، وليس لها ذكر بعد ذلك (١).

والقول في بقية الآثار السابق ذكرها واحد وهو أن ما وصل منها إلى الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخلفاء والكبراء، حافظوا عليها واهتموا بها مدة من الزمن، لكن لما تعاقبت الفتن والمحن على المسلمين أدى ذلك إلى فقدانها، وانقطاع سند تداولها، وعدم مجيء خبرها من الزمن المتقدّم، وهذا دليل على فقدانها واندثار معالمها، فإن الباحث المحقق يكاد يجزم بأن دعوى بقاء شيء من آثار النبي إلى زماننا دعوى غير صحيحة.

ولقد أفاد المحدّث الفقيه حماد بن إسحاق الأزدي (ت: ٢٦٧ هـ) في كتابه: تركة النبي إلى قلة ما ترك النبي من آثار مرئية وحسية، مستندًا على الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن عمرو بن الحارث قال: «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا إِلاَّ بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً» (٢).

فهذا دليل صريح صحيح يؤكد قلَّة ما ترك النبي من آثار حسية (٣).

ومن زاوية أخرى حتى لو أراد أصحاب المتاحف والمزارات إثبات الآثار المنسوبة إلى النبي بالطرق التجريبية الحديثة فإن خبراء الآثار


(١) كما سيأتي بيانه في تفنيد الشبهات المتعلقة بالنعل وغيره، انتقل لطفًا (٤٢٩).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوصايا، باب الوصايا (٤/ ٢/ ح ٢٧٣٩).
(٣) للاستزادة في معرفة ما ترك النبي من آثار، يُنظر: تركة النبي (٩٤ - ١١٥).

<<  <   >  >>