للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنفى الله بذلك عن نفسه جميع أوجه الشرك: الملك، والشركة، والمعاونة، والشفاعة التي لا تكون إلا من بعد إذنه .

فيحتجون على عدم شركهم بالله، بأنهم لم يعبدوهم وإنما جعلوهم وسطاء، وشفعاء، ووسائل إلى الله تعالى، ولا يعتقدون نفعهم ولا ضرهم، وهذه هي حُجة المشركين.

فيقولون: إنّا لا نعتقد في طوافنا حول القبر أنه ينفع ويضر، أو مستقل في تحصيل المطالب، وإنما نريده وسيلة وواسطة (١)، كما قال تعالى عنهم: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨]، وحكى الله قولهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣].

فاعتقادهم أنهم لا يضرون ولا ينفعون لكن يرجون شفاعة الميت أو الصنم، أوقعهم في شرك الألوهية، ولو اعتقدوا أنهم ينفعون ويضرون، لصار هذا شركًا في الربوبية، فإذا عبدوهم واعتقدوا أنهم يضرون وينفعون وقعوا في شركين: شرك الربوبية، وشرك الألوهية، فهم بين شرك وشركين (٢).

وهم في الحقيقة وقعوا في الشرك الأكبر، وانحرفوا عن أصل الدين وأساسه؛ لمخالفة كلمة التوحيد المتضمنة لمعنى توحيد الألوهية، والتي لأجلها بعث الله الرسل، وأنزل الكتب، وفطر الله عليها جميع المخلوقات (٣).

كما قال ابن قيّم الجوزية في كلمة التوحيد: هي الكلمة التي قامت بها الأرض والسموات، وفطر الله عليها جميع المخلوقات، وعليها أسست الملة، ونصبت القبلة، وجردت سيوف الجهاد، وهي محض حق الله على جميع العباد، وهي الكلمة العاصمة للدم والمال والذرية في هذه الدار،


(١) يُنظر: مجموع ابن سعدي في العقيدة والمنهج (٦٤٢)، فتح الرب الحميد بشرح تجريد التوحيد، لعبد العزيز الراجحي (١٨٤).
(٢) يُنظر: فتح الرب الحميد بشرح تجريد التوحيد، لعبد العزيز الراجحي (١٨٤).
(٣) يُنظر: تفسير كلمة التوحيد، لصالح الفوزان (١٠٠).

<<  <   >  >>