للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن أبرز تلك الشبهات التي يروجونها كمبررات لمخالفاتهم شبهتان؛ اقتصرت عليهما لتعلّق المخالفين بهما وحجتهم بأنهما دليلان واضحان ثابتان: الأول: من القرآن، والثاني: متعلق بالنبي ، وهما:

أ الاحتجاج بأن اتخاذ المساجد على القبور شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا شريعة لنا، استنادًا على قوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا *﴾ [الكهف].

ب الاستدلال بقبر النبي بحجة أنه لو كان منهي عن البناء على القبور لما اتُّخذ قبره مسجدًا ولما بُنيت عليه القبة.

* الشبهة الأولى (١): استدل المجيزون البناء على القبور واتخاذها مساجد (٢)، بقوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا *﴾ [الكهف]، واحتجوا بأن المؤمنين هم من أرادوا أن يتخذوا المسجد على القبور، وأن هذا شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا شريعة لنا.

تفنيد هذه الشبهة:

١ أن الاستدلال بهذه الآية على جواز اتخاذ المساجد على القبور ليس إلا تحريفًا لكتاب الله وتبديلاً لشرع الله (٣)، تمسكًا بالمتشابه وعدم رده للمحكم.

كما أن تأويلها بهذا المعنى مخالف لإجماع المسلمين، وهذه طريقة أهل الأهواء.


(١) يُنظر: الكشاف، للزمخشري (٢/ ٦٦٥)، مدارك التنزيل، للنسفي (٢/ ٢٩٣)، غرائب القرآن، لنظام الدين الحسن القمي (٤/ ٤١١)، إحياء المقبور من أدلة استحباب بناء المساجد على القبور، لأحمد الغماري (٢١ - ٢٧)، قال العلامة المحدّث الألباني عن كتاب الغماري: وهذا الكتاب من أغرب ما ابتلي به المسلمون في هذا العصر، وأبعد ما يكون عن البحث العلمي النزيه. تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد (٧٤ - ٧٥).
(٢) هم القبورية من الرافضة بطوائفها، والصوفية بطرقها، والبريلوية والديوبندية، والكوثرية، ومن نحا نحوهم. يُنظر: جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (١٦٥٠).
(٣) يُنظر: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، للألوسي (٨/ ٢٢٥).

<<  <   >  >>