للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه مطالبة تماثل مطالبة الصحابة حديثي العهد بالإسلام لرسول الله بأن يجعل لهم ذات أنواط كما للمشركين ذاتُ أنواط!

٢ إذا أحييت آثار مقامات النبي المكانية كغار حراء وغار ثور وبيت النبي ودار الأرقم بن أبي الأرقم ومحل بيعة الرضوان، وأشباهها، وهُيئت وعُبّدت طرقها وعملت لها المصاعد واللوحات فلن تزار كما تزار آثار عظماء الكفرة؛ بل ستزار للتعبد والتقرب إلى الله (١).

وبهذه الإجراءات نكون قد أحدثنا في الدين ما ليس منه، وشرعنا للناس ما لم يأذن به الله، وهذا هو نفس المنكر الذي حذر الله ﷿ منه في قوله سبحانه: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: ٢١].

وحذر منه النبي بقوله: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (٢).

وبقوله : «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟» (٣).

٣ أن هذا مخالف للشريعة الإسلامية التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وسد ذرائع الشرك والبدع وحسم الوسائل المفضية إليها.

فالبدع وذرائع الشرك يجب النهي عنها ولو حسن قصد فاعلها أو الداعي إليها لما تفضي إليه من الفساد العظيم وتغيير معالم الدين وإحداث معابد ومزارات وعبادات لم يشرعها الله ولا رسوله وقد قال الله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيناً﴾ [المائدة: ٣] (٤).

فالأمة ليست بحاجة إلى إحياء آثار ترابية، وإنما هي بحاجة إلى إحياء الآثار النبوية الحديثية (٥).


(١) يُنظر: المرجع السابق (١/ ٤٠٣).
(٢) سبق تخريجه راجع فضلاً (٤٨).
(٣) سبق تخريجه راجع فضلاً (١٥٥).
(٤) مجموع فتاوى ابن باز (١/ ٤٠٧) بتصرف.
(٥) يُنظر: البيان لأخطاء بعض الكتّاب، صالح الفوزان (٢/ ٣٧).

<<  <   >  >>