للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي قياس باطل، عاطل، فاسد، كاسد؛ لوجود الفارق.

٢ هذه الدعوى تعود إلى اعتقادهم الباطل بأن بركة الأماكن والبقاع التي لامست جسد النبي متعدية، ولم يُعرف دليل شرعي يومئ إلى أن بركة بدن الرسول قد تعدت إلى هذا المكان، فيكون مباركًا يشرع التبرك به، ولذا لم يكن يفعل هذا صحابته في حياته ولا بعد مماته.

فما سار فيه رسول الله أو نزل فيه فلا يجوز التبرك به؛ لأن هذا وسيلة إلى تعظيم البقاع التي لم يشرع لنا تعظيمها، ووسيلة من وسائل الشرك، وما تتبع قوم آثار أنبيائهم إلا ضلوا وهلكوا (١).

٣ فيه خلط بين الأحكام الذاتية الخاصة، المتعلقة بالرسول وبين الأحكام المتعلقة بالبقاع والأماكن.

٤ أن بركة ذوات الأنبياء لا تتعدى إلى الأمكنة الأرضية، وإلا لزم أن تكون كل أرض وطئها، أو جلس عليها، أو مرَّ بها، تُطلب بركتها، ويُتبرك بها، وهذا لازم باطل قطعًا؛ فانتفى الملزوم، إذ إن تعظيم الرسول والتماس بركته، وتحريها، إنما يكون في هذا العصر باتباعه، والعمل بسُنته (٢).

٥ على فرضية ثبوت مرور النبي على ذلك الأثر، وتعدي البركة للمكان كما زعم من قال بها، فهذا القول يحتاج إلى ضابط يحدد جوانب تلك البقعة، التي حلّت فيها البركة، من حيث الطول والعرض والعمق، حتى لا يُتَبرك خارج تلك الحدود التي جاءوا يسعون لأجلها (٣).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه عن تعظيم الأمكنة التي لا خصيصة لها في الشرع وقياسها بالمشروع: وإنما عُبدت الشمس والقمر بالمقاييس، وبمثل هذه الشبهات حصل الشرك في الأرض (٤).


(١) يُنظر: أوضح الإشارة، لأحمد النجمي (٤٢٦)، هذه مفاهيمنا (٢٠٦).
(٢) يُنظر: دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية، لعبد الله الغصن (٣٦٨).
(٣) يُنظر: المسائل العقدية المتعلقة بالمدينة النبوية (١٠٨٩ - ١٠٨٩).
(٤) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ١٦٧).

<<  <   >  >>