للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* الشبهة الثانية: ادّعاء بقاء الأثر وعدم فنائه؛ احتجاجًا بحديث: «إِنَّ اللهَ ﷿ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ » (١)، وأنه لا يبعد أن ينسحب الأثر كاللباس والنعال وما شابههما على ما حلّ بأجسادهم (٢).

تفنيد هذه الشبهة:

١ قال الله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ *﴾ [الرحمن]، هذا دليل عام خرج منه فناء أجساد الأنبياء؛ بدليل يخصصه (٣).

أما الآثار الملحقة بأجساد الأنبياء من اللباس والنعال والعمامة، فما الدليل الذي يخصصه؛ ليخرج من عموم الآية؟!

٢ قياس الآثار المنفصلة عن أجساد الأنبياء وما أُلحق بها من اللباس والنعال والعمامة، على أجسادهم قياس باطل؛ لوجود الفارق.

٣ وجه الاستدلال بالحديث مخالف لما استدل عليه السلف؛ حيث إنه يُستدل به على الإكثار من الصلاة على النبي يوم الجمعة؛ بدلالة سياق الحديث (٤).


(١) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة (٣/ ٢١٧/ ح ١٧٣٣)، وابن حبان في صحيحه، كتاب الرقائق، ذكر البيان بأن صلاة من صلى على المصطفى من أمته تعرض عليه في قبره (٣/ ١٩٠/ ح ٩١٠)، والحاكم في مستدركه، كتاب الجمعة، الأمر بكثرة الصلاة في الجمعة (١/ ٢٧٨/ ح ١٠٣٤)، والنسائي في المجتبى، كتاب الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبي يوم الجمعة (١/ ٢٩٣/ ح ١٣٧٣/ ١)، وأبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الجمعة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة (١/ ٤٠٥/ ح ١٠٤٧)، صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (١/ ٤٤٠/ ح ٢٢١٢).
(٢) يُنظر: سلوة الأنفاس، للكتاني (٣٩١).
(٣) يُنظر: أهوال القبور، لابن الجوزي (٢٠٨)، أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور، لابن رجب (١٢٨).
(٤) يُنظر: ذخيرة العقبى في شرح المجتبى، للوَلَّوِي (١٦/ ٩٢)، شرح مسند الشافعي، للرافعي (١/ ٥٣٦) يراجع تخريجه في الصفحة السابقة.
سياق الحديث: عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ : «إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» قَالُوا: وَكَيْفَ صَلَاتُنَا تُعْرَضُ عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟ قَالَ: «إِنَّ اللهَ ﷿ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ» يُراجع تخريجه في الصحفة السابقة.

<<  <   >  >>