للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* الشبهة الثالثة (١): الاحتجاج بأن إحياء المولد النبوي من البدع الحسنة.

ويستشهدون بقول الخليفة الراشد أمير المؤمنين عُمر بن الْخطَّابِ عندما أمر بجمع الناس فِي رمضان لأداء صلاة التراويح في الْمَسْجِد، فلما رآهم بعد تنفيذ أمره ، قَالَ: نِعْمَتُ الْبِدْعَة هَذِهِ (٢).

تفنيد هذه الشبهة:

١ هذا جمع بين حق وباطل، أما الحق فهو التصريح بأن المولد بدعة، وهذا التصريح يلائم ويوافق الأحاديث الواردة في التحذير من البدع، وأما الباطل فهو إضافة الحسنة إلى البدعة؛ وهذه الإضافة غير صحيحة، إذ لا دليل عليها من كتاب ولا سُنَّة (٣).

٢ ليس في الدين بدع حسنة، ووصفها بالحسن من مجازفات أهل الغلو والإطراء (٤)، وهذا القول مخالف لعموم قوله : «وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» (٥)؛ لأن البدعة محمولة عند العلماء على عمومها، ولا يستثنى منها شيء ألبته، وليس فيها ما هو حسن أصلاً، إذ لا حسن إلا ما حسّنه الشرع (٦).

وممَّا يُؤيِّد ذلك أن الاستحسان يعتبر من الأصول الموهومة التي يُظن أنها من أصول الأدلة وليس منها، وقد قال به الإمام أبو حنيفة (٧).

وقال الإمام الشافعي : من اسْتَحْسنَ فقد شَرَّعَ (٨).


(١) يُنظر: الحاوي للفتاوى، للسيوطي (١/ ٢٢٢).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الصلاة، ما جاء في قيام رمضان (١/ ١٥٨/ ح ٣٧٨).
(٣) يُنظر: الرد القوي، لحمود التويجري (١٦٩).
(٤) يُنظر: المرجع السابق (٣٤).
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة (٣/ ١١/ ح ٨٦٧).
(٦) يُنظر: فتاوى الإمام الشاطبي (١٨٠ - ١٨١)، الاعتصام، للشاطبي (١/ ١٨٨ - ١٨٩).
(٧) يُنظر: المستصفى في علم الأصول، لأبي حامد الغزالي (١/ ١٧١).
(٨) يُنظر: نهاية المطلب في دراية المذهب، للجويني (١٨/ ٤٧٣)، المستصفى في علم الأصول، لأبي حامد الغزالي (١/ ١٧١).

<<  <   >  >>