للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقلنا: إن هذين الحديثين أولى وأقرب من تخريجها على صيام يوم عاشوراء.

ويؤيد هذا التخريج أن الاحتفال بالمولد النبوي مبني على التشبه بالنصارى في اتخاذهم يوم مولد المسيح عيدًا، فعيد مولد المسيح عند النصارى، وعيد مولد النبي عند المحتفلين به متشابهان ولا فرق، وكلاهما من ثمرة الغلو والإطراء وعواقبهما السيئة (١).

فنخلص إلى أن حديث عاشوراء ثابت صحيح، ولكن الاستدلال به على المولد مردود باطل؛ لأن العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الرأي والاستحسان والابتداع (٢).

* الشبهة الثانية (٣): الاحتجاج بأن إحياء المولد النبوي من السنن المباركة.

ويستشهدون بقول النبي : «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً … » (٤).


(١) يُنظر: الرد القوي، لحمود التويجري (٣٢ - ٣٣).
(٢) يُنظر: المرجع السابق (٣٢).
(٣) يُنظر: الحاوي للفتاوى، للسيوطي (١/ ٢٢٢).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة (٨/ ٦١/ ح ١٠١٧).
والحديث بطوله عَنْ جرير قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ، أَوِ الْعَبَاءِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ فَدَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالاً فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ إِلَى آخِرِ الآْيَةِ ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا *﴾ وَالآْيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، حَتَّى قَالَ: وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَثِيَابٍ حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».

<<  <   >  >>