للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالنبي ؛ اعتقادًا منهم أنها قربةٌ إلى الله ﷿ وتحقيقٌ لمحبة النبي ، ينالون منها الأجر والثواب.

والقائلون بهذه البدعة أرادوا إضفاء الصبغة الشرعية عليها، فاحتجوا ببعض الشبهات مستندين على الأدلة الضعيفة، والاستدلالات الباطلة، تأويلاً لها بما يوافق أهوائهم، وعقائدهم الفاسدة.

فكانوا كما قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ *﴾ [الجاثية].

والقصد هنا هو الإشارة والتنبيه إلى أبرز الشُبه المثارة حول إحياء ذكرى المولد النبوي، إذ إن القائلين يستندون إلى حجج واهية، وليس هذا مجال حصرها؛ لأن استقصاءها والإحاطة بها، يحتاج إلى رسالة مستقلة.

فسأذكر بشكل موجز بعض الشبهات التي يحتجون بها على مشروعية المولد، وردود العلماء على هذه الشُّبهات، وأنه ليس في احتجاجاتهم دليل صحيح يدل على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي.

* الشبهة الأولى: (١) الاحتجاج بفعل النبي لما قدم المدينة فوجد اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال لهم : «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟»، فقالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومه، فقال رسول الله : «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ» (٢).

فيدّعون أن هذا الحديث أصل ثابت في الشرع على إحياء ذكرى المولد النبوي، ويستفاد منه فعل الشكر لله على ما منَّ به في ذلك اليوم من إسداء


(١) مع أن بعض المجيزين لإحياء ذكرى المولد صرّحوا بأنها بدعة، كما قال السيوطي في مقدمة كلامه بأن: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة. يُنظر: الحاوي للفتاوى (١/ ٢٢٩)، وكذلك يُنظر: ما قاله السخاوي في الأجوبة المرضية (٣/ ١١١٦)، وأبو شامة في الباعث على إنكار البدع والحوادث (٢٣).
(٢) سبق تخريجه راجع فضلاً (١٣٧).

<<  <   >  >>