للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منحرفة، ومزاولتهم شرائع باطلة لا تمت إلى الإسلام بصلة؛ بل تُناقض الإسلام وتعارضه.

وقد انتهى بهم الأمر إلى أن نقضوا عرى الإسلام، وكفّروا الأمة المسلمة، وما كفرت الأمة ولكن الظالمين كفروا، يهدمون الدين بحجة الحرص عليه، ويكفرون بالقرآن وهم يزعمون الاستمساك به والاعتماد عليه (١).

* الشبهة الثانية (٢): دعوى معارضة العقل للنقل، وأنّ العقل مقدّم على النّقل عند التّعارض؛ بحجة أن الآثار النبوية الحديثية المروية نقلية ظنية لا تفيد اليقين (٣)؛ لاحتمالها الخطأ، والمجاز، والتخصيص، والنسخ، وأن دلالة المعقولات قطعية، وعليه فتُقدّم المعقولات على نصوص الشرع وكذلك المحسوسات (٤)؛ لأن العقل بزعمهم هو الأصل والعمدة في الشرع وفي كل الأمور.

تفنيد هذه الشبهة:

١ الإسلام وسط بين الملل، وأهل السُّنَّة وسط بين النحل، فالوسطية شأنهما في جميع الأمور، لا إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا إجحاف، ومن بينها العقل، الذي كانوا يأخذون ويأمرون به.

فأهل السُّنَّة لا يغلون في العقل، ولا ينكرونه، ولا يحجرون عليه؛ بل يعتقدون أن للعقل مكانة سامية، وأن الإسلام يقدّر العقل، ويتيح له مجالات النظر والتفكّر، وفي الوقت نفسه لا يغلون فيه، ولا يجعلونه حاكمًا على نصوص الشرع؛ بل يرون أن للعقل حدًّا يجب أن يقف عنده؛ حتى لا يكون وبالاً على صاحبه.


(١) يُنظر: شبهات القرآنيين حول السُّنَّة النبوية، لمحمود مزروعة (٤٢٦ - ٤٣٢).
(٢) القائلون بهذه الشبهة هم: أهل الكلام بالعموم؛ كالمعتزلة وغيرهم من الفرق، والمطلع على كتبهم يجد أنهم يقدمون العقل على نصوص الوحيين مثل: كتاب فضل الاعتزال، للقاضي عبد الجبار، والدرر الدائر المنتخب، للزمخشري، ورسائل الجاحظ رسالة التربيع والتدوير، وغيرها.
(٣) يُنظر: المحصول، للرازي (٦/ ١٠٤).
(٤) يُنظر: الجواب الصحيح، لابن تيمية (٤/ ٣٩٥ - ٤٠٢).

<<  <   >  >>