للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحقًّا ظهرت الخوارج والرافضة، ثم انضمت إليهما المعتزلة وطوائف من المتكلمين.

فالرافضة رفضوا كثيرًا من السُّنَّة، ولم يقبلوا إلا القدر الضئيل؛ بسبب طعنهم في الصحابة .

وكذلك الخوارج طعنوا في الصحابة بعد وقعة صفين، فمن الخوارج مَنْ فَسَّقهم، وهم قلة لا تذكر، والأكثرون من طوائف الخوارج كفَّروا الصحابة نسأل الله السلامة والعافية، وقد دفعهم ذلك إلى ردّ كثير من السُّنَّة، ورغبتهم السيئة الملحة في مخالفة جماعة المسلمين وتكفيرهم (١).

وأما المعتزلة فقد هجروا السُّنَّة، وشرعوا لأنفسهم أصولاً عقلية (٢)، لا تعارضها آية إلا أوّلوها، ولا حديث إلا أنكروه؛ لذلك موقفهم من الحديث تارة التشكيك، وتارة الإنكار (٣).

وإن كان حزبهم اندثر كفرقة قائمة بذاتها ومسماها، إلا أن أفكارهم ومعتقداتهم ذابت في طوائف متعددة بحيث أخذوا بعض ما عند المعتزلة من اعتقادات وطرحوا ما قد تورط فيه دعاة الاعتزال الضُلاّل من تطرّف وإفراط (٤).

ونشأ أفراخ هذه الفرقة الذين انتشروا في وقتنا الحاضر تحت


(١) يُنظر: السُّنَّة ومكانتها في التشريع، لمصطفى السباعي (١٥٠)، السُّنَّة النبوية بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم، لعبد الموجود محمد (٨٥)، خبر الآحاد وحجيته في إثبات العقيدة، لعبد الله السرحاني (ب).
(٢) أصولهم الخمسة التي أجمعوا عليها: التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، وإنفاذ الوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. يُنظر: شرح الأصول الخمسة، للقاضي عبد الجبار (١٢٤).
والرد على هذه الأصول قد أُشبعت بحثًا في أكثر من مؤلف ورسالة علمية يُراجع: موقف ابن تيمية من المعتزلة في مسائل العقيدة، لقدرية شهاب الدين (٩٤ - ١١١)، وآراء المعتزلة الأصولية، لعلي الضويحي (٧٩ - ١٣٥)، والمعتزلة وأصولهم الخمسة، لعواد المعتق (٨١ - ٢٧٩)، والأصول الخمسة عند المعتزلة، لصالح الشيبي (٣٠ - ٥٨).
(٣) يُنظر: ضحى الإسلام، لأحمد أمين (٧٤٠).
(٤) يُنظر: إسلام بلا مذاهب، لمصطفى الشكعة (٥٣٣).

<<  <   >  >>