للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسمعت عن بعضهم أنه قال: الولي أسرع إجابة من الله ﷿ وهذا من الكفر بمكان نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الزيغ والطغيان (١).

١٣ قال شيخ الأزهر محمود شلتوت (ت: ١٣٨٣ هـ): شرعت الصلاة في الإسلام لتكون رباطًا بين العبد وربه، يقضي فيها بين يديه خاشعًا ضارعًا يناجيه، مستشعرًا عظمته، مستحضرًا جلاله، ملتمسًا عفوه ورضاه؛ فتسمو نفسه، وتزكو روحه، وترتفع همته عن ذل العبودية والخضوع لغير مولاه ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ *﴾ [الفاتحة].

وكان من لوازم ذلك الموقف، والمحافظة فيه على قلب المصلى، أن يخلص قلبه في الاتجاه إليه سبحانه، وأن يحال بينه وبين مشاهد من شأنها أن تبعث في نفسه شيئًا من تعظيم غير الله، فيصرف عن تعظيمه إلى تعظيم غيره، أو إلى إشراك غيره معه في التعظيم ولذلك كان من أحكام الإسلام فيما يختص بأماكن العبادة تطهيرها من هذه المشاهد … ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا *﴾ [الجن].

وما زلّ العقل الإنساني وخرج عن فطرة التوحيد الخالص فعبد غير الله، أو أشرك معه غيره في العبادة والتقديس إلا عن طريق هذه المشاهد التي اعتقد أن لأربابها والثاوين فيها صلة خاصة بالله، بها يقتربون إليه، وبها يشفعون عنده؛ فعظمها واتجه إليها واستغاث بها، وأخيرًا طاف وتعلق، وفعل بين يديها كل ما يفعله أمام الله من عبادة وتقديس …

والإسلام من قواعده الإصلاحية أن يسد بين أهله ذرائع الفساد.

وإذا كان الافتتان بالأنبياء والصالحين، كما نراه ونعلمه شأن كثير من الناس في كل زمان ومكان، فإنه يجب محافظة على عقيدة المسلم إخفاء الأضرحة من المساجد، وألا تتخذ لها أبواب ونوافذ فيها، وبخاصة إذا كانت في جهة القبلة، فيجب أن تفصل عنها فصلاً تامًّا بحيث لا تقع أبصار المصلين عليها، ولا يتمكنون من استقبالها وهم بين يدي الله.


(١) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني (١٢/ ٢٦٥ - ٢٦٦).

<<  <   >  >>